متفرقات

من قلب القضية.. ضوضاء دم وفوبيا مصطنعة

بقلم علي زعرور

كل القضايا التي  تبدأ بارتهان تسقط في منعطف النسيان إلا قضية الحسين (ع) كانت رهانا على الحق فانتصرت واكتسبت صفة الديمومة المتوارثة.

مخطئ من يظن أن الحسين مجرد إسقاط لشعائر مبالغ بها والبعض مشكوك بأمره. فالواقعة لا يمكن إختزالها عبر عزف لحن جنائزي متشح بالسواد، التلطي أمام مواكب سيارة بهدف التبجيل أو إظهار التقوى من جهة والمحبة من جهة أخرى بالربط بين العقل والمذاق، بين الفكر والبطن. موروثاتنا التي حتى هذه اللحظة لا محل لها في التاريخ المسند، لا يجوز إخضاعها لمنحى وحيد يتعلق بالأكل والمشرب، لأن هذا التصرف الأليم ينزل الفكرة إلى المادة بدل أن تسمو إلى الجوهر والروح.

ضوضاء القضية يجب التعاطي معها من منطلق الوعي لا لغة الدم وتظهير الواقع الذي ننخرط به على أنه فزاعة للآخر. هو مقتل للقدسية والرسالة الهادفة. فلا مجال لأن نلزم حواسنا بشم رائحة النجيع بدل أن نحث عقولنا على تقصي الحقيقة والوقوف على الحالة الدخيلة التي تتسلل عبر ثغرات بهدف الإفساد وتحويلها إلى مجرد قصاصات ورق مدوّنة ومسرودة على ألسن أشخاص يتقنون فن تنفيذ الأدوار المطلوبة منها.

المشهدية وحالة التقمص التي تتسلل بأقدام موحلة تدق ناقوس الخطر وتؤشر إلى حصول تداعيات في المفهوم والرؤية. هذا الإنقلاب البارز بعرّابه والذي اخترق لغة العقل الحاكم والمنطق المصوّب، يترك بصماته في انجذاب الناس إلى  تُرّهات تتربى عليها أجيال سوف تجر أذيال الخيبة مستقبلا وتسقط في مستنقع القشور البراقة لتنغمس مع شعارات عنوانها فوبيا الواقعة والتجسيد الفاقد للجوهر.

محاكاة الغريزة واللعب على العواطف الدفينة للإيثار في حالة المبالغة في السرد والتوصيف قد يخلق تضامنا بأجساد عددية وعقول صنمية، تكون عرضة للمتاجرة في آتون صراعات شخصية ومناطقية ضيقة. وخلف العين المراقبة من ينتظر لطمث مسار طويل من المفاهيم الراسخة بفعل التضحية المستدامة.

الإشكالية تكمن فيمن يرث إرث عاشوراء في ظل غياب الأهلية السلوكية والأخلاقية، ومن يمتطي صهوة الشعائر الدينية، ومن يتعاطى معها عبر فعل هش ونقل لصورة لا تتجاوز المكان وخطابة المنبر، ودموع مالحة تنحت على الوجوه زيفا وتنصّب أشخاصا بقصاصات ورق ونسوة بثرثرة لسان وفجور عارٍ.

  الرقي والسمو المطلوب أضحى معدوما وما بقي رهينة ضوضاء دم على الإسفلت الأسود، ندوب على الرؤوس، قرقعة ملاعق عند تناول المضاف، ألسن تجتر عند التخمة وتنافس في الوجاهة المصطنعة في ظل هجمة شرسة لتظهير الواقعة على أنها لزوم ما لا يلزم.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى