توقعات صندوق النقد للإقتصاد العالمي..”قاتمة”
بقلم الباحثة في الشؤون المالية والاقتصادية الدكتورة فاطمة رحال جابر
وجّه صندوق النّقد الدّولي في توّقعاته للاقتصاد العالمي لشهر تموز تحذيرات شتى ربطا بتخفيضه مستوى التوقعات. فقام بخفض توقّعات نمو الاقتصاد العالمي الى ٣،٢% للعام ٢٠٢٢ بعد أن كانت تبلغ في نيسان من هذا العام ٣،٦% وإلى ٢،٩% بدلا من ٣،٦% لعام ٢٠٢٣، علما أن الناتج المحلّي الاجمالي الحقيقي العالمي قد انكمش في الرّبع الثاني من هذا العام، ما يعكس الخطورة المحيطة بالاقتصاد العالمي في ظلّ ارتفاع نسب التّضخم في معظم دول العالم وكنتيجة لتداعيات الحرب الرّوسيّة الأوكرانيّة والأثر على أسعار مصادر الطّاقة والغذاء.
وجاء في تقرير شهر تموز للصندوق توقعات قاتمة لأكبر ثلاث اقتصاديّات في العالم، بحيث شهدت انخفاضا قياسا لما كانت عليه في شهر نيسان الماضي.
فخفض الصندوق من توقعاته لنمو الناتج المحلي للاقتصاد الأميركي بنسبة ١،٤% لعام ٢٠٢٢ و٠،٥% لعام ٢٠٢٣. كما قلل مستوى توقعه لنمو الناتج المحلي الإجمالي لاقتصاد منطقة اليورو بنسبة ٠،٢% لعام ٢٠٢٢ و١،١% لعام ٢٠٢٣ قياسا. في حين خفض توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني الى ١،١% للعام الحالي و٠،٥% للعام القادم.
قراءة هذه المؤشرات تدلّ على اقتصاديات غير مستقرّة وهذا ما يمكن أن يؤدّي الى سيناريو أسوأ يتمثل بخطر الركود العالمي في ظل تضخّم عالمي مرتفع سيصل في الدول المتقدمة بحسب توقعات صندوق النقد الدولي الى ٦،٦ بالمئة إضافة الى ألمانيا والولايات المتّحدة وإلى ٩،٥ بالمئة في الدول الناشئة هذه السنة. وهذا ما قد يتطلّب سياسات نقدّيّة تقشّفيّة ستؤثر بالطبع على النّمو .لكن، في المحصلة، لا بدّ من معالجة تحدّي التّضخّم لان ارتفاع الأسعار يؤدي الى تآكل قيمة الاجور والمدّخرات ما ينعكس انخفاضا في القدرة الشرائية للأسر وتؤثر على معدّلات الفقر مع تزايد احتمال انعدام الأمن الغذائي.
الاقتصاد الرّوسي ليس خارج الدائرة، ويظهر عليه أثر العقوبات الغربيّة بانكماش ٦ بالمئة لهذا العام. وفي المقابل فالاقتصاد الأوكراني سينكمش ٤٥ بالمئة بفعل الحرب.
هذا، وقد لعبت الحرب بينهما دورا في ارتفاع الاسعار خاصة ان الدولتين تشكلان مصدرا هاما لسلع حيوية مثل النفط والغاز والفحم القمح والأسمدة والذرة والزيوت النباتية.
كما ساهم كل من التضخم الذي ارتفع عن المتوقع في معظم دول العالم خاصة اميركا واوروبا وتداعيات التباطؤ الناتج عن كوفيد ١٩_ نتيجة الاغلاقات وغيرها وخاصة في الصين_ بالاضافة الى تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية واثر الصادرات الغاز الروسي على اوروبا في رفع نسب الخطورة.
وفي سيناريو أسوأ لصندوق النّقد يتضمن قطعًا كاملاً لإمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا بحلول نهاية العام وهبوطًا إضافيًا بنسبة 30٪ في صادرات النفط الروسية، يمكن أن يتباطأ النمو العالمي إلى2,6٪ في 2022 و 2٪ في عام 2023، مع نمو صفر تقريبًا في أوروبا والولايات المتحدة العام المقبل. علما أنه ومنذ عام ١٩٧٠ لم ينخفض النّمو العالمي الى أقل من ٢ بالمئة سوى ٥ مرّات بما في ذلك ركود ٢٠٢٠ بفعل أزمة كوفيد١٩.
كعادتها الباحثة في الشؤون المالية والإقتصادية دكتورة فاطمة رحال تتحفنا بثقافتها المعهودة ومعلوماتها الدقيقة والقيمة ..مقال أكثر من رائع ، دام علمك وإبداعك دكتورة