متفرقات

التضحية الخاطئة

بقلم الخبير المالي والاقتصادي د. عماد عكوش

في لبنان يمكن أن أفهم أن يضحي المواطن لأجل وطن يؤمن العدالة للمواطنين أو يأمل أن يؤمن هذه العدالة يوما ووجود إشارات تؤكد على إمكانية حدوثها، لكن حين لا عدالة وحيث الفساد والمحاصصة أوصلا البلد إلى ما نحن فيه ولا يزالان قائمين وسيظلان كذلك_ لأنه لا مصلحة لكل الاحزاب اليوم بالإصلاح، بوقف التحاصص أو الوقوف في وجههما جديا_ فما نفع التضحية ولمن نضحي؟

سؤال يطرح نفسه والإجابة أننا نضحي لأجل هؤلاء الفاسدين ليزدادوا غنى، نضحي لأجل هؤلاء الظالمين ليزدادوا ظلما. فالتضحية يجب أن تسبقها أهداف إصلاحية ونتائج ملموسة. لكن  هذا الشعب المظلوم يتم خداعه تارة بشعارات طائفية وأخرى إنسانية ليبقى رهينة هذا الإصطفاف الطائفي تحت ذريعة الدفاع عن الطائفة.

ثمة الكثير من الملفات التي تبرز فساد هذه المنظومة من ملف الدعم، إلى ملف الفيول العراقي والذي تم توزيعه بشكل شبه مجاني وكانت المنظومة وحدها المستفيدة فيما الشعب المسكين سيتحمل تبعات التسديد على مدى أعوام لاحقة، ناهيك عن ملف كهرباء الاردن والغاز الذي كان سيتم تمويله بقرض يتحمل تسديده الشعب مجددا” فيما الإستفادة ستكون لنفس المنظومة وبالمجان وستشمل قصورهم، مصانعهم، شركاتهم وأحياءهم  أما الفقراء سيدفعون ثمنها رغم التقنين القاسي.

ويستحضر أيضا ملف الطحين الممول من البنك الدولي بقرض والتي تذكرنا آلية الهدر فيه بقصة “علي بابا والأربعين حرامي” عبر بوابة المطاحن، الافران، النازحين واللاجئين، فيما الفتات يرمى للشعب الذي يرزح تحت أعباء أفعالهم المخزية.

ما يستوقفنا اليوم  شعار التضحية في المواجهة القائمة مع العدو الإسرائيلي لأجل غاز معروف من سيسرقه ويستفيد منه فيما لو كان شعار المعركة تحرير فلسطين لهو أسمى من معركة تحرير الغاز للصوص.

إن الإشكالية تكمن في التعاطي مع هذا الشعب المسكين الذي لا يستحق هذه المتاجرة به، ولو إندرجنا في خطابنا إلى لغة الطائفية المفروضة على واقعنا فسوف يكون جليا عدم قدرة  الطائفة الشيعية الإستمرار في التضحية لأجل اللصوص خاصة أنها استنزفت كل مقومات المواجهة، فإما ان يتغير  شعار المعركة الى غاية يستحقها وهي تحرير القدس أو أوقفوا هذه الشعارات.

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى