التناقضات المفرطة.. والوحدة المصطنعة
بقلم الدكتور أحمد عياش
يظهر عمق مأساة اللبنانيين في بطولاتهم الوهمية من رياضة كرة السلة، من نجاح في شهادات رسمية ومن فوز ملكة جمال.
الفوز جميل إنما الافراط في التعبير غير صحي ولا يناسب الحدث ابداً. أن تعظّم بطولة كرة السلة اكثر من حجمها العابر لتعتبر انتصارا ليس الا اثبات حضور لمن لا حضور لهم في الساحات الحقيقية غير الوهمية. وإطلاق الرصاص بحماقة بعد نتائج لإمتحانات رسمية ليس غير تعويض عن إطلاق رصاص من أجل إعدام أنذال تسببوا بفاجعة لشعب. وما تبادل التهاني بانتخاب ملكة جمال إلا دليلا عن البحث عن أي حجة لنسيان الحاضر الأليم.
يتفاوت المشهد بين شعب يحاول أن يؤكد حبّه بين ناسه بأي طريقة وشعب يحاول أن يعبّر عن حبّه لوطنه بأي وسيلة بعدما فشل وأخفق في إعدام الأنذال.
وردّات فعل اللبنانيين المفرطة مع بطولات وهمية ليست صدفة، إنها محاولة أخيرة للنطق بعبارة عشق وكتابة وصية لوطن قبل الموت.
كما أن الإفراط في تظهير ثقافة الحياة والتعبير عنها بشتى أشكالها ليس غير إثبات أخير من الشعب أنه يرفض الموت.
انها الحاجة للحظات سعيدة ولو كانت وهمية، حاجة لافتخار ما بعد تيقنّ الانفس من عمق خيباتها ومن عمق هزائمها.
لا، ليست تلك ردود الفعل بحالة صحية إنما هي آخر دليل ينبىء عن موت مفاجىء.
الإفراط بردات الفعل السعيدة ينسحب على ردات الفعل الحزينة. فحادثة المطران عند الحدود لا تستحق كل ردات الفعل من الاطراف المتناحرة. خمسمئة الف دولار لا تؤسس لانقلاب ولا تهدد محور. اللبنانيون يعبرون عند اختلافاتهم عن كراهيتهم الدفينة لبعضهم البعض وما الافراط بردات الفعل الفرحة والحزينة الا تعبيرا صادقا عن تباعد بين الطوائف.
وائل عرقجي بطل لأننا عجزنا عن إيجاد مئة فارس ملثم وشجاع لتصفية الأنذال وإنقاذ وطن.
إطلاق الرصاص في الهواء يفسر عجزنا عن إعدام المتسببين بالإفلاس رميا بالرصاص.
انتخاب ملكة جمال مسلمة مناسبَة لمحاكاة الشريك المسيحي بلغة يفهمها تتمثل بالجمال.
إنها رسائل مفرطة التعبير تؤكد أننا ناس لا شعب وأننا طوائف لا أخلاق وأننا حثالة دولة لا وطن.
إننا وبكل بساطة نتصرف كمخصيين.
كل ما نراه ونسمعه لأن وحدة لبنان مصطنعة ولأن التقسيم محال وثقافة التعايش أمر لا بد منه.