قعر الأزمة
بقلم علي زعرور
على وقع هدنة محفوفة بالمصالح، يتعانق نصف المؤامرة مع نصف المتاجرة وتغدو شياطين الحب ملائكة بعمر البيادق. يرتجلون الكلام المنمق أمام فوهة أزمة تلفظ أنفاسها المحترقة من تقلّب المواقف، أما الإرادة التي فقدت بصرها في اللحظات الأخيرة عادت لتسكن دارها وحيدة تنتظر قافلة الوعود المؤجلة حتى سراب آخر.
كل المشاحنات المتأرجحة على نوافذ مغلقة غدت مجاملات فضفاضة على قياس المكاسب تعيد ترتيب الحاضر بحلّة جديدة من مستودع الكذب المكدّس، والسواد الأعظم مأخوذ بزغردات خجلت من حقيقة أريقت ماؤها على وجوه أفعال عالقة تحت أصابعهم.
كانت عضّة الإيمان توازي غصّة النسيان، في ذاكرة جفلت من صهيلهم تارة وسكونهم التائه بين سابع أمل وأصبع نصر مغيّب ومفاتيح لأزمات جددت إستفحالها كل يوم بحلّة من الغلبة المشؤومة، وكلّ هذا القهر المنسوب في خانة الصبر والتحمل بدأ يرتجف تحت وطأة المطالب المعيشية.
وقوفاً كان التغيير على جدار المصادفة تكتبه أقلام بلا برق هوية أو تمحيش لخطوات واضحة أنها مستوردة من خلف أمنيات أفرغت من حقيبة سوداء لمهمة واحدة تحويل التنوع إلى خصومة وبعدها فوضى عبثية وتدمير ممنهج بلا سقف زمني.
هذا المتسلل من بين التناقضات فرض نفسه كعابر للحواجز الإسمنتية التي شيّدت عند التخاطب، حيث استطاع أن يكتسب قبولاً لا بأس به في المدى المنظور واحتل قلوباً هللت له كفارس على جواد منتصر، لكن الخشية من هذا المتغير الذي ظُهّرَ على أنه مارد في فانوس التجديد الذي استيقظ ونفض غبار الكلام الساقط من أذن الماضي.
التجربة المشهودة للتغييرين كانت نسخة مشابهة في الأفعال والمواقف لمن سبقوا ومن بقوا في هذا الواقع السياسي، حيث المشهدية تجمع أعداداً مشتتة لا تقوى على إيجاد بعض الحلول البسيطة، جل ما تفعله دق ناقوس الخطر وانتظار قيام الساعة.