أخبار لبنانية

باسيل يفتح أبواب التسوية: أعطونا اللامركزية والصندوق وخذوا الرئيس

الحذر الذي رافق انعقاد اللقاء الخماسي في الدوحة، والكلام العام الذي ردده الموفد الفرنسي جان ايف لودريان في بيروت، اكد مرة جديدة ان التحول الوحيد الذي يقود الى كسر الحلقة المفرغة في الملف الرئاسي، يرتبط بتغيير جوهري في التحالفات الداخلية. وقد اظهرت الساعات الماضية، حصول تطور كبير في الاتصالات بين حزب الله والتيار الوطني الحر، تمثلت في تبادل الطرفين عروضا لاجل التفاهم على برنامج وهوية الرئيس المقبل.

وبحسب معلومات «الاخبار» فان الجلسات السابقة التي عقدت بين الجانبين، افضت في اخر مراحلها، الى تقديم رئيس التيار النائب جبران باسيل ورقة عمل مفصلة، تشتمل على برنامج عمل للمرحلة المقبلة، وتعالج مسالتين رئيستين:

الاولى، تهدف الى التفاهم على تثبيت وتفعيل الشراكة في الحكم بين جميع المكونات اللبنانية، وان يكون انتخاب الرئيس المقبل بموافقة ودعم التيار بوصفه الممثل المسيحي الابرز، وهو امر ثبته حزب الله كما كان يقول سابقا.

الثاني، التفاهم على عناوين رئيسية لبرنامج عمل الرئيس المقبل، ربطا ببرنامج الاولويات التي طرحها التيار سابقا، مع تثبيت للنقاط التي تمثل عناصر الهواجس الرئيسية لحزب الله.

وبناء عليه، طلب باسيل من الحزب الموافقة منه، والعمل معه مع بقية الحلفاء لاجل القيام بخطوات عملانية تهدف الى تهيئة الاجواء لاعلان تفاهم كبير، يشتمل على رئاسة الجمهورية.

وقالت مصادر مواكبة، ان اسقاط الشروط المسبقة في الحوار بين الجانبين، جعل حزب الله مرتاحا للحوار من دون الزامه بسحب دعمه للمرشح سليمان فرنجية، كما اتاح الفرصة للتيار الوطني ان يشدد على اهمية البرنامج واليات العمل التي تضمن نجاح العهد المقبل.

وبعد مداولات كثيرة، تقدم باسيل بورقة اصلاحية تشتمل على عناوين لما اعتبره ضمانات مسبقة وضرورية حتى يقدر على السير بالخطوات اللاحقة، ومنها عدم ممانعة الاتفاق على اسم من بين مرشحين اثنين على ان يكون احدهما الوزير السابق سليمان فرنجية.

وبحسب المعلومات فان باسبل، قدم تصورا مكتوبا، عرض فيه تفاصيل المبادرة، مركزا على عنصرين اساسيين، وهما اقرار قانون اللامركزية الادارية الموسعة في مجلس النواب واقرار القانون الخاص بالصندوق الائتماني. وقد طلب باسيل ان يكون الاتفاق الشامل، مرتبطا باقرار القانونيين وامور اخرى قبل الاعلان عن دعم مرشح بعينه.

وقد باشر حزب الله دراسة الأوراق المقدمة من باسيل في اطره القيادية، قبل الانتقال الى بحثها مع حلفائه، ولا سميا الرئيس نبيه بري والمرشح فرنجية. ويتعامل حزب الله بايجابية كبيرة مع المبادرة التي تقدم بها باسيل، وهو ابلغه نيته حفظ الشراكة الكاملة، وقد ترجم الامر في قرار الحزب عدم السماح لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، كما ان الحزب ابلغ باسيل انه لا يوافق على الاستمرار بنفس السياسات التي كان سلامة يتبعها في ادارة مصرف لبنان والسياسة النقدية.

باسيل يشهر مطالبه
في خطاب دُرست كل مفردة في عباراته بدقة شديدة لعدم تقويله لاحقاً ما لم يقله، أكد رئيس حزب التيار الوطني الحر جبران باسيل في العشاء الخاص بالتيار في المتن الشمالي إن التيار «لن يحمل ميليغراماً واحداً معكم من دون مقابل». وفي تطور نوعي جداً حدد باسيل المقابل بوضوح: «والمقابل هو رزمة القوانين الاصلاحية». وتابع باسيل: «اي دعم تطلبونه منا نريد له مقابل ليس لجبران باسيل، ولا للتيار الوطني الحر بل للدولة اللبنانية». ورداً على كل ما شاع عن «الثمن» الذي يريده التيار، حدده باسيل أمس حرفيا: «ثمن مرشحهم لرئاسة الجمهورية بالنسبة لنا لن يكون اقل من لامركزية موسّعة يدفع ثمنها سلفاً عبر إقرارها بقانون، وصندوق ائتماني يدفع ثمنه سلفاً أيضاً عبر اقراره بقانون، وبرنامج بناء الدولة». وأضاف: «دون هذه، سنترككم تفشلون لوحدكم، فهذه المنظومة لا تريد اقرار القوانين لانها تريد البقاء بالفساد ونحن لن نغطيها ولن نساعدها». وتابع: «نحن في التيار الوطني الحر لن نقبل ان نكون جزء من مشروع فاشل، ندعمه ونُحمّل مسؤوليته وندفع ثمنه. من يريد الفشل فليفشل وحده؛ نشكره على دعوته لنا لنكون جزءاً من سلطته الفاشلة وتقديمه لنا حصّة «حرزانة» الآن او حصّة كاملة بعد 6 سنين، لكننا لا نريدها لا الآن ولا بعد ست سنين، نحن نريد الجمهورية والدولة». وفي إشارة إلى إمكانية تغيير التيار لموقفه، قال باسيل: «نحن لن نغيّر موقفنا دون مقابل وطني كبير يستفيد منه كل اللبنانيين وكل رهان غير ذلك هو ساقط. لن تغرينا لا قيادة جيش ولا حاكمية مصرف لبنان ولا كامل الحكومة ولا كل الادارات. لن يغرينا الاّ ما هو اهم من اسم الرئيس، وهو مشروع الدولة في لبنان». وبموازاة التأكيد أن العناد يقابله عناد، والتمسك بمرشحهم يعني التمسك بـ»مرشحنا جهاد أزعور»، لفت باسيل إلى أن المرونة تقابلها مرونة. و»يجب ان ينتصر العقل خاصةً ممن هم معروفون برجاحة العقل، ولا يجب توقف البلد على كلمة او موقف شخصي او مراعاة». وفي شجاعة سياسية واضحة قال باسيل: «نحنا حاضرين لكل المخارج ولو اضطررنا لدفع الأثمان، لكن لن يكتب لشيء النجاح في لبنان بتغييب التيار الوطني الحر». في ظل تأكيد المصادر المطلعة على ارتباط الخطاب الباسيلي المباشر بالحوار الجديّ القائم اليوم مع حزب الله من جهة واصطدام باسيل بالإصرار الأميركي على فرض قائد الجيش العماد جوزف عون رئيساً من جهة أخرى.

لودريان: سلة افكار واسماء
في غضون ذلك، أنهى المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان زيارته للبنان بلقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، حاملاً «غلّة» جولته الثانية لوضعها بينَ يدي برّي الذي أصرّ مرة جديدة على تسريب أجواء تجزم بأن «كوّة فُتِحت في جدار الرئاسة». وقد أتت زيارة لودريان لبري بعدَ زيارته مقر كتلة الوفاء للمقاومة في الضاحية والاجتماع مع رئيسها النائب محمد رعد في مقر الكتلة في حارة حريك، وقد استمع وفد الحزب الى الموفد الفرنسي واعاد التاكيد امامه على موقف الحزب الداعم لترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية، وان الحوارات الداخلية بين اللبنانيين ستساعد على انضاج حل قريب. مع عدم ممانعة الحزب لبرنامج عمل الموفد الفرنسي، الذي اختصره مطلعوان بانه «حراك هدف إلى تأجيل المباحثات إلى شهر أيلول التي سيصار فيها إلى التشاور حول مواصفات الرئيس وجدول الأعمال، ومن ثم الذهاب إلى فتح أبواب المجلس النيابي حتى انتخاب الرئيس»، مع الإشارة إلى أن «الجولة المقبلة له ستكون المحاولة الخارجية الأخيرة لمساعدة لبنان وإلا سيضطر إلى مواجهة خيارات عديدة، من بينها اتخاذ إجراءات عقابية وتركه لمصيره»!

وتعمّد لودريان التركيز على إجراء مباحثات في أيلول المقبل وضمن فترة زمنية سريعة ومحدّدة، وفقَ جدول أعمال من بند واحد هو رئاسة الجمهورية (مواصفات وبرنامج عمل)، كمقدّمة لجلسات انتخاب متتالية بعد أن يتم اختيار مجموعة من الأسماء التي تُعتبر متناسبة مع برامج العمل الرئاسية».
وقالت مصادر مطّلعة على أجواء جولة لودريان أن التمعّن في كلامه يكشف عن محاولته الجمع ما بينَ المسار الذي رسمه اللقاء الخماسي في الدوحة والطرح الفرنسي، معتبرة أن «باريس لم تتخلَّ عن طرحها لكنها ذهبت إلى اتّباع آلية جديدة في إدارة الملف تحت سقف الخماسية». فبعد أن رفض لقاء الدوحة مبدأ «حوار السلة» وفكرة المقايضة، استغلّت باريس فترة السماح المعطاة لها واستبدلت فكرة الحوار بما سمّته المشاورات أو «اجتماعات العمل» كما أسماه الموفد الفرنسي، مراهنة على خرق داخلي يُمكن أن يعيد الزخم إلى مبادرتها قد يؤمّنه الحوار القائم بين حزب الله والتيار الوطني الحر.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى