أخبار لبنانية

المرتضى: الفنُّ الأسمى عندنا في لبنان هو الذي يعبّر عن التوق الى عيش المعيّة

افتتح وزير الثقافة في حكومة تصربف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى فعاليات مؤتمر “الفن المسيحي بين المعاصرة والتقليد “في دير سيدة البيرة- بقنايا جل الديب، وكان له كلمة أشارت إلى أن المسيحية في تمظهرها الدنيوي حالةٌ فنية تتوالدُ أشكاًلا وألوانًا وانغاماً في الأيقونةِ تارةً وفي الترانيم تارةً أخرى كما في سائر أشكال التعبيرات عن وحدانية الله.

وبغِّض النظر عن الموقف العقيديِّ فإنّه لا بدّ من الاعتراف بأنَّ الفنَّ المسيحي أسهم في بناء الحضارة ببشرها وحجرها، بآدابها وفنونها شعرًا ونثرًا وروايةً ورسماً وموسيقى كما ببنائها السوسيولوجي والسيكولوجي والانتروبولوجي.”

واضاف أن “المسيحيةُ والرسمُ حتّمَهُما التجسّدُ الذي يُشكّل ركنًا أساسًا في العقيدة المسيحية وهي إحدى الإشكاليات التي يقاربُها الإسلام بمفهوم تنزيه الله عن كل صورةٍ لكننا لا نستطيع غضّ الطَّرْف من جهة أخرى عن الدور التراكمي الذي لعبته الأيقونةُ في البناء المعرفي لحضارةٍ بأكملها، ما يدعونا إلى معالجة الفن المسيحي عمومًا والأيقونيِّ على وجه الخصوص من بعده الحضاري لا من بعده الذي يفرضهُ علم الديانات المُقارَن، ولذلك عندما تتوضّحُ المنهجيةُ يستقيمُ الرأيُ وتتبلورُ طبيعيًا مآلاتُ الحوار بين الأديان لأنه ليس هناك أجملَ من زرع زهورُ التلاقي بين المسيحية والإسلام في حدائق القلب وليس هناك أخطرُ وأخبثُ من محاولاتِ البعض البناءَ على الإختلاف لتأبيدِ الخلاف.”

وتابع وزير الثقافة: “الأيقونةُ مثلُ الشعرِ مثل الموسيقى تعبيرٌ عن مكنوناتٍ ومكوّناتٍ روحيةٍ متبلورة في الألوان والأشكال والأنغام وعمق المعاني. محورها العالمُ العُلْوي والملائكة، المسيحُ وكرازَتُهُ، مريم البتول، الأنبياء والرسل وسوى ذلك من قدس الأقداس هي مفاهيمٌ مشتركةٌ بين المسيحية والإسلام فإذا ركّزنا على الهدف من الأيقونة الذي يتمحور حول التقوى والتبيين فأيُّ فروقاتٍ نرى عندها بين جهاد التبيين عند المسلمين واجتهاد راسمي الأيقونة عند المسيحيين؟”، “نختلف على الأسلوب ولا نرى الجوهرَ الواحد وهذا وجهٌ من وجوه قصور الرجاحة في العقل وتعلّقه بالمظهر بدل تعلقه بالجوهر.

واردف: “الثقافةُ فهمٌ وتفهُّمٌ. انفتاحٌ لا فَتح. وبانفتاحنا على المعتقد الآخر والعقيدة الأخرى نبني الانسجام ونحصّنُ المجتمع وبلدنا هو المختبر والنموذج. مختبر لأنه يصنع الانفتاح كل يوم، انفتاحٌ يقتضي أن يؤسّس لا للتلاقي فحسب بل للعيش معًا وللمعيّة خصوصًا فما هي قيمة الوطن إن لم نكن معًا؟ وهل يرتفع له بنيان في لبنان من دون اعمدة الأساس؟”

وختم وزير الثقافة كلمته بالقول:”الفنُّ الأسمى الذي يجبُ على المسيحيّ والمسلم أن يقدِّمَانه في لبنان هو ذاك الذي يرسمُ المعيَّةَ ويعزفها الحاناً متكاملةً… إنّه الفنّ الذي يعبّر عن توقٍ الى هدفٍ منشود هو عيش المعيّة الذي يقتضي العمل على تجسيده بشكلٍ افضل على ارض الواقع وعلى ترسيخه في النصوص والنفوس.

هذا هو جوهرُ المعية والعيش معًا وهذا هو جوهر لبنان الذي يشكّلُ أجمل لوحة على الإطلاق على جدار كنيسة المحبة التي تجمعنا.

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى