متفرقات

لبنان الى اين سياسياً واقتصادياً على مشارف ال ٢٠٢٣ !؟

بقلم د. طلال حمود- مُنسّق ملتقى حوار وعطاء بلا حدود ورئيس جمعية ودائعنا حقّنا

الجزء التاسع:
الإعلامي والمحلّل السياسي الأستاذ قاسم قصير: نحن بحاجة الى رئيس صاحب رؤية إصلاحية شاملة، مدعومة من كافة القوى السياسية والحزبية والمجتمع المدني، المطلوب تطبيق الطائف ولا حاجة لمؤتمر تأسيسي جديد؟!

بعد ان نشرنا في الأجزاء السابقة من هذا الملف مداخلات العديد من السياسيين والحقوقيين والأكاديميين والإعلاميين الذين اجمعوا تقريباً ان لا حلّ قريب في لبنان سوى بحوار داخلي لبناني-لبناني يكون الرافعة الأساسية لأي مخرج سياسي وللبدء برزمة من الإصلاحات الجذرية والجوهرية التي يجب ان تؤدي الى إعادة الثقة بمؤسسات الدولة وخاصة لقطاعها المالي والمصرفي، وتؤدي تالياً لإعادة إطلاق عجلة الإقتصاد الوطني وإنتعاشه بعد فترة قد تكون طويلة او متوسطة الأمد بسبب خطورة ما وصل اليه الإنهيار على كافة المستويات، وخاصة بسبب الخسائر الفادحة التي طالت كل القطاعات والفجوة الهائلة الموجودة والتي تكبّدتها الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين في تلك المصارف من لبنانيين مقيمين او مغتربين او اشقاء عرب او اجانب.

وقد اكّدت تلك المداخلات ايضاً على شقّ آخر خارجي اعتبره البعض انه الأقوى والأهم وانه المدخل الأساسي لإنتخاب رئيس للجمهورية في لبنان. إذ ان معظم الخبراء الذين افادونا بمداخلاتهم اجمعوا تقريباً ان تاريخ لبنان الحديث يشير بكل أسف الى ان معظم رؤساء الجمهورية في لبنان وصلوا الى الحكم بعد تفاهمات دولية و/ او اقليمية اوحَت للقوى الداخلية ب “كلمة سرّ معيّنة” من اجل التلبية السريعة لصافرة الحكم الدولي او الإقليمي والتوجّه فوراً ودون اي تردّد او مُماطلة الى المجلس النيابي، وإنتخاب هذه الشخصية او تلك، لمنصب رئيس للجمهورية اللبنانية، خاصةً وان كل/ او معظم القوى السياسية والحزبية والكتل النيابية الوازنة في هذا الوطن لها إرتباطاتها الخارجية المعروفة والمُثبتة والتي تجعلها رهينة لإرادة او ضغوط او نفوذ تلك القوى والدول التي سمح لها ساسة لبنان وزعمائه بالتدخّل في ادقّ تفاصيل حياة مواطنيه ومن اهمها إستحقاق الإنتخابات الرئاسية.

في هذا الجزء التاسع من هذا الملف نستكمل اليوم إستشرافنا للآفاق السياسية والإقتصادية للعام ٢٠٢٣ ونقف عند وجهة نظر احد اهم روّاد الحوار والمعني والمهتم بشكلٍ شبه دائم ومنذ عدّة سنوات بالحوار الاسلامي- الاسلامي والاسلامي – المسيحي، وهو الكاتب والمحلّل السياسي الصحافي الأستاذ قاسم قصير.والمعروف ان الصديق قصير يُركّز في كل كتاباته الصحافية وإطلالته الاعلامية الإذاعية والمتلفزة على اهمية الحوار كسبيل وحيد للوصول الى حلول مقبولة للأزمات اللبنانية المُتشعّبة. 

قصير:
تطرق قصير الى نهاية هذه السنة ولبنان يواجه اصعب وضع اقتصادي ومالي وسياسي. فسياسياً نحن في حالة فراغ حكومي في ظل حكومة تصريف اعمال، وفي حالة فراغ رئاسي قد يطول كثيراً، مع حالة فشل لمجلس النواب غير المتجانس والهجين في انتخاب رئيس جديد. وإقتصادياً نحن في ظل وضع اقتصادي ومالي يزداد سوءًا يوماً بعد يوم وفشل كل المحاولات الترقيعية بالرغم من السعي الخجول لوضع حلول، ومحاولة التخفيف من الازمات التي قامت بها السلطة من خلال زياده الرواتب وبعض الإجراءات الأخرى. وطبعاً فقد وصل لبنان الى الجحيم. لكن هناك امل كبير في لبنان في حال تمّ اولاً، التوصّل الى تسويه تؤدّي الى انتخاب رئيس جديد، يقوم بعمل اصلاحي جذري. وثانياً وضع وتنفيذ الخطة الإصلاحية التي وضعت في السنوات الماضية, ثالثاً عبر تحييد لبنان عن الصراعات في المنطقة دون ان يعني ذلك الحياد المُطلق، او الحياد الإيجابي، بل ابعاد لبنان عن بعض الصراعات خصوصاً مع بعض الدول العربية والاسلامية. هذه بعض ملامح الإيجابية التي في حال تمّ الإلتزام بها من المُمكن ان تُنقذ لبنان في المرحلة المُقبلة نحتاج الى مشروع اصلاحي مُتكامل في كافه الجوانب.

وهذا يحتاج الى دعم من كافة القوى السياسية والحزبية ومؤسسات المجتمع المدني ومعظم فئات المجتمع اللبناني، لأنه بدون هكذا خطة إصلاحية لا يمكن ابداً انقاذ لبنان. هناك نقاط تفصيلية في أية خطة مثل موضوع استعادة اموال المودعين، استعادة الاموال التي هُرّبت للخارج وإعادة التركيز على دعم وتطوير الإنتاج الزراعي والصناعي.

واضاف قصير انه بالنسبة لموضوع الانتخابات الرئاسية، نحن دخلنا في أجواء هذه الانتخابات وحتى الآن لم يتمّ التفاهم على انتخاب رئيس جديد. وطبعاً هناك انقسام كبير في مجلس النواب مع عدم وجود كتلة نيابية قادرة على حسم الانتخابات الرئاسية، مما يعني الحاجة للحوار وللتفاهم بين عدد من هذه الكتل حول رئيس معين. اما التفاهم حول انتخاب الوزير السابق سليمان فرنجيه، او التفاهم على انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون، او اختيار شخصية ثالثة مثل الوزير السابق زياد بارود، او الوزير السابق جهاد ازعور، او طرح اي اسم آخر من خارج هذه الاسماء. لكن وبدون توافق بين عدد من الكتل الكبرى، لا يُمكن ابداً انتخاب رئيس ولا تأمين 86 صوتاً من اجل انعقاد الجلسة، ولا تأمين 65 صوتاً للنجاح في الجولة الثانية. نحن نحتاج إذاً الى توافق. وهذا التوافق يتمّ إما بشكلٍ داخلي من خلال الحوار وعقد لقاءات بين الكتل النيابية والقوى السياسية، او من خلال صيغة لتسوية ما ترعاها بعض الدول الخارجية، كما يحصل حالياً من خلال المشاورات الجارية بين قطر وفرنسا ودول اخرى. الصورة غير واضحة حتى الان، لكن بحسب تقديري ان الايام المُقبلة، وخصوصاً بعد رأس السنه الميلادية الجديدة قد تشهد مزيداً من التحرّكات والإتصالات من اجل حسم معركة الانتخابات الرئاسية وذلك ضمن تسوية ما، وكذلك سيكون الأمر بالنسبة لأفق تشكيل الحكومة وخطة الاصلاح المُقبلة.

واضاف قصير: اما بالنسبة لموضوع المؤتمر التأسيسي او لموضوع تغيير النظام، فإنه لا يبدو ان هناك في الافق رغبة بعقد مؤتمر تأسيسي، او مؤتمر وطني شامل، بسبب مُعارضة معظم القوى، بما فيها حزب الله، فهي ترفض هذا المؤتمر حالياً، ولا تريد عقد مؤتمر تأسيسي او تغيير النظام. هي تريد فقط الإلتزام بإتفاق الطائف وتطبيق بنوده. ما نحتاج اليه حالياً هو وضع خارطة طريق لإستكمال تطبيق اتفاق الطائف، وفي حال كان هناك نقاط تحتاج الى تعديل او ترتيب في هذا الإتفاق، فهذا يحتاج الى توافق وطني. اما عقد مؤتمر دولي لرعاية الحلّ في لبنان، فلا يبدو في الأفق أيضاً ان هناك توجّه لعقد مثل هكذا مؤتمر. واردف قصير قائلاً: اعتقد ان هناك صعوبة كبيرة في عقد مؤتمر دولي لرعاية وضع لبنان والتوصّل الى الحلّ المنشود، لأن الدول الكبرى والدول الإقليمية منشغلة بهمومها الداخلية ومن الصعوبة الآن تأمين رعاية من اجل عقد مؤتمر دولي حول لبنان، سواء من طرف الأمم المتحدة، او من طرف اي دولة اخرى, ومن الممكن عقد لقاءات تشاورية حول الشأن اللبناني سواء في قطر او في فرنسا، او في دول اخرى. واعتقد ان هناك اهتمام فرنسي وقطري ومن طرف الفاتيكان ومصر بالشأن اللبناني بشكلٍ مباشر. ومن المُمكن حصول لقاءات واتصالات بين قيادات لبنانية ومسؤولين عن هذه الدول لكنني استبعد عقد مؤتمر دولي لرعاية الوضع في لبنان.                                                                     

وختم قصير بالقول: بتقديري انه ومهما كانت الظروف صعبة اليوم في لبنان، وحتى لو وصلنا الى مستوى اصعب واكثر تعقيداً على المستوى السياسي والاقتصادي، لكني اعتقد ان العام الجديد قد يحمل مُؤشّرات ايجابية خصوصاً في حال تمّ التفاهم على انتخاب رئيس جديد يحمل مشروع إصلاحي وانقاذي للبنان، اضافة الى التوافق حول رئاسة الحكومة والتفاصيل الاخرى، وهذا مُرتبط جداً بالتفاهم ما بين القوى السياسية والحزبية والبدء بتنفيذ مشروع استخراج الغاز والنفط. وكل هذه المؤشرات يمكن ان تجعل من المرحلة المُقبلة مرحل  ايجابية بالرغم من الواقع المأساوي السوداوي الحالي. 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى