متفرقات

فنزويلا وامريكا الجنوبية تنتصر فماذا عن أوروبا وتحررها من الهيمنة الامريكية

بقلم الكاتب السياسي ميخائيل عوض

 

ثمانية دول وازنة في أمريكا الجنوبية تمردت على الهيمنة الاستعمارية الامريكية وتنتفض في وجه سيطرتها. البرازيل والمكسيك وكولومبيا تصفق للنصر الساحق لفنزويلا ومشروعها البوليفاري وقد هزمت امريكا بوضوح لا لبس فيه. فقد اضطرت صاغرة الى إلغاء عقوباتها والتخلي عن عملائها وعادت إلى رشدها بالتعامل مع الرئيس الشرعي والمنتخب مادورو.

وبإعطائها الإذن لشركة شيفرون النفطية بالعودة الى فنزويلا والالتزام بالإجراءات والشروط السيادية لفنزويلا، وبقطع علاقتها وتخليها عن أدواتها وعلى من راهنت أمريكا عليهم وأسندتهم وتبنت انقلابيتهم، أهدت فنزويلا الثورية اعترافا بانتصار الشعب الفنزويلي الذي عان الأمرين من الحصار والإفقار والتآمر والتهديد بالغزو وبالحروب والفوضى. وبالتفاف الشعب حول القيادة والجيش الذي حمى الثورة وانتصر لسيادة فنزويلا وحريتها تكون الشافيزية والبوليفارية قد جدّدت شرعيتها الثورية وانتزعت نصرا تاريخيا وأعدت نفسها للعب دور قيادي في إعادة تشكيل امريكا الجنوبية وانتزاع دورها في عالم جديد يتشكل وتجري ولادته بمخاض دموي قاس في الحرب الاوكرانية.

والأهم أن صمود فنزويلا وانتصارها الواضح يتحقق. والبرازيل قد عادت وبعزيمة أكبر إلى خط اليسار، وهذه المرة الراديكالي والثوري. وتستند عودتها الى تجربة حزب العمال وقائده لولا في النضال والرئاسة والصعود بالبرازيل الى القوة السادسة الاقتصادية عالميا، وبعد ان تم الانقلاب عليه وسجنه ومحاولات الثأر من تجربته المضيئة. وتاليا فلولا الرئيس في حقبته الجديدة وحزب العمال وغالبية الشعب البرازيلي سيستفيد من التجربة ويعيد صياغة جهده واهدافه وخططه متحوطا من ألاعيب واشنطن وأدواتها واختراقها في النسيج الاجتماعي وفي الدولة والجيش والقضاء والبرلمان والنقابات. وجهود تقليص الوجود والنفوذ الامريكي في البرازيل يستند الى تجربة مادورو وفنزويلا والى تجربة اليسار المكسيكي والبوليفي وانتصار اليسار لأول مرة في كولومبيا. وبهذا ترتسم لوحة لخريطة تحالفات وتظافر دول وشعوب وقوى باتت اكثر خبرة وتجربة واكتشفت معطيات وخطط امريكا وسيناريوهات تآمرها وواجهت وصمدت وأفشلتها وانتصرت. وامريكا اللاتينية والكاريبي مثلت الحديقة الخلفية لأمريكا وشكلت العناصر المحورية في صعود امريكا وتحولها الى الهيمنة العالمية وبانحسار امريكا وهزيمتها وانكسار ادواتها فيها تعتبر احد اهم المؤشرات على ما باتت امريكا عليه من ضعف وتراجع وانكشاف وتمرد الامم والشعوب والقارات على هيمنتها الاحادية والمتعجرفة.

وليست امريكا اللاتينية والكاريبي وتحولاتها الشواهد الوحيدة او اليتيمة على مسارات التراجع والانحسار لأمريكا، وربما تبلغ قريبا ذروتها ويشهد العالم تحولات فرط دراماتيكية بتسارع انهيار العالم الانكلوساكسوني المأزوم وغير القادر على انتزاع نصر واحد لترميم نفسه، فأوروبا نفسها وشعوبها وحتى نخبتها المتأمركة الحاكمة باتت في حالات تشكيك بالسياسات الامريكية وحروبها التي تستهدف إسقاط اوروبا ونهبها وإضعافها لمعالجة الازمات الامريكية البنيوية والهيكلية. والتمردات الأوروبية تتسارع بمعدلات كبيرة في الشارع ونهوض حركات شعبية وتحركات متواترة رفضا للإملاءات الأمريكية وتوريط الاتحاد الاوربي في الحرب مع روسيا بزعم إسناد ودعم اوكرانيا بينما تنهار البنى الاقتصادية والقطاعات القائدة وتعاني الصناعة الالمانية والأوربية من أزمات إفلاسية وترحل الى امريكا بناتج إلزام اوروبا بالقطيعة والعقوبات على روسيا ووقف إمدادات النفط والغاز الروسية ونسف خط ستريم٢ لتأمين صادرات الغاز الامريكية وتدفيع أوروبا أربعة أضعاف السعر ما سرع من انهيار وإفلاس قطاعات الصناعات الاوروبية وخاصة الألمانية…

العالم بقاراته يزداد معرفة بالعجرفة والذاتية الامريكية ويدفع ثمن ولاء النخب لليبرالية الامريكية والتي لا هم لها إلا مصالح الحفنة وقادة لوبي العولمة بما هي أمركة ظالمة للشعوب.

من قاوم امريكا ورفض أوامرها وإملاءاتها أسهم بتراجعها وانسحابها وخسائرها في افريقيا واسيا وامريكا اللاتينية والاكثر اهمية في نذر انتفاض اوروبا وشعوبها.

ماذا عن رهانات وأوهام بعض العرب واللبنانيين من كهنة معبد امريكا المتداع؟

فنزويلا انتصرت وبإسناد ودعم صريح من ايران وامريكا اللاتينية والكاريبي تتحول الى اليسار.

واوروبا تحث الخطى للخروج من مضلتها التي لم تقيها حر الشمس ولا صقيع الشتاء. فمن تغطى بأمريكا نام عريان على قول الرئيس المصري السابق حسني مبارك.

ماذا عن المراهنين على امريكا ممن يعطلون انتخاب رئيس لبناني وينتظرون تغيرات دراماتيكية في صالحها في سورية ولبنان وايران؟

فهل من يخسر في اوروبا وامريكا اللاتينية وافريقيا واسيا قادر على النجاح واعادة صياغة التوازنات في العرب والشرق؟

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى