أخبار دولية

مؤتمر كوب ٢٧.. إخفاق وتراجع

بعد مفاوضات طويلة وصعبة تجاوزت بكثير الموعد المحدّد، اختتم مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب27) صباح اليوم بعدما أقرّ نصّاً كان محور نقاشات محمومة ينشئ صندوقاً لتعويض الدّول الفقيرة المتضرّرة من التغيّر المناخي من دون إعادة تأكيد أهداف جدية لخفض انبعاثات غازات الدفيئة.

وبعد أعمال استمرّت أكثر من أسبوعين انتهى مؤتمر المناخ الذي نظّمته الأمم المتّحدة في منتجع شرم الشيخ المصري على البحر الأحمر بعد تأخّر دام أكثر من يوم جاعلةً منه أحد أطول مؤتمرات المناخ.

وأُقر أعلان ختامي أتى ثمرة الكثير من التسويات، يدعو إلى خفض سريع لانبعاثات غازات الدفيئة من دون تحديد أهداف جديدة مقارنة بـ”كوب26″ العام الماضي في غلاسغو.

إلّا أنّ هذه النسخة من المؤتمر تميّزت باعتماد قرار وصف بأنّه تاريخي من قبل مروّجيه، حول تعويض الأضرار الناجمة عن التغيّر المناخي التي تتعرّض لها أفقر دول العالم.

ورحّب محمد ادوو مدير منظّمة “باور شيفت أفريكا” غير الحكومية والداعم الكبير لإنشاء الصندوق، بهذه الخطوة قائلاً “في بداية المباحثات لم تكن مسألة الخسائر والأضرار على جدول الأعمال حتّى. والآن دخلنا التاريخ”.

وكاد ملفّ “الخسائر والأضرار” يفشل المؤتمر برمّته قبل أن تحصل تسوية بشأنه في اللّحظة الأخيرة تبقي الكثير من المسائل عالقة لكنّها تقر مبدأ إنشاء صندوق مالي محدّد لهذا الغرض.

– تراجع يُثير انتقادات –

وكان النصّ المتعلّق بخفض الانبعاثات موضع نقاشات حادّة إذ ندّدت دول كثيرة بما اعتبرته تراجعاً في الأهداف المحدّدة خلال المؤتمرات السابقة ولا سيّما إبقاء هدف حصر الاحترار بـ1,5 درجة مئوية مقارنة بما قبل الثورة الصناعية “حيا”.

لا تسمح الالتزامات الحالية للدول المختلفة بتاتا بتحقيق هدف حصر الاحترار ب1,5 درجة مئوية. وتفيد الأمم المتحدة بأنها تسمح بأفضل الحالات بحصر الاحترار بـ2,4 درجة مئوية في نهاية القرن الحالي، لكن مع وتيرة الانبعاثات الحالية قد ترتفع الحرارة 2,8 درجة مئوية وهو مستوى كارثي.

فمع بلوغ الاحترار حوالى 1,2 درجة مئوية حتى الآن، كثرت التداعيات الكارثية للتغيّر المناخي.

في العام 2022 توالت موجات الجفاف والحرّ والحرائق الضّخمة والفيضانات المدمّرة ما ألحق ضرراً كبيراً بالمحاصيل والبنى التحتيّة.

وقد ارتفعت كلفة هذه الظواهر المناخيّة القصوى بشكل مطرد. فقدّر البنك الدولي بـ30 مليار دولار كلفة الفيضانات التي غمرت ثلث أراضي باكستان على مدى أسابيع في ما بلغ عدد المنكوبين الملايين.

وتطالب الدّول الفقيرة الأكثر عرضة للتداعيات مع أنّ مسؤوليتها محدودة جدّاً عموماً في الاحترار، منذ سنوات بتمويل الخسائر والأضرار التي تتكبدها.

وأسف الأمين العام للأمم المتّحدة #أنطونيو غوتيريس اليوم لكون مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب27) في شرم الشيخ فشل في وضع خطّة “لخفض الانبعاثات بشكل جذري”.

وأكّد أنّ “كوكبنا لا يزال في قسم الطوارئ. نحتاج إلى خفض جذري للانبعاثات الآن وهذه مسألة لم يعالجها مؤتمر المناخ هذا”.

وأعرب الاتّحاد الأوروبي عن خيبة أمله من الاتّفاق حول الانبعاثات الذي تمّ التوصّل إليه في مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب27).

وقال نائب رئيسة المفوضية الأوروبية فرانس تيمرمانس في الجلسة الختامية للمؤتمر “ما لدينا ليس كافياً كخطوة للأمام ولا يأتي بجهود إضافيّة من كبار الملوثين لزياد خفض انبعاثاتهم وتسريعه”، مؤكّداً: “خاب أملنا لعدم تحقيق ذلك”.

– “مشبوهون اعتياديون” –

ولكن المعركة لن تنتهي مع إقرار الصّندوق في شرم الشيخ إذ إنّ القرار لم يحدّد عمداً بعض النقاط التي تثير جدلاً.

وستحدّد التفاصيل العملانيّة لهذا الصّندوق لاحقاً بهدف إقرارها في مؤتمر الأطراف المقبل نهاية 2023 في الإمارات العربية المتحدة، مع توقّع مواجهة جديدة لا سيّما على صعيد البلدان المساهمة إذ تشدّد الدّول المتطورة على أن تكون الصين من بينها.

وشكّلت أهداف خفض الانبعاثات موضوعاً شائكاً في “كوب27 أيضاً. فقد اعتبرت الكثير من الدول أنّ النّصوص التي اقترحتها الرئاسة المصرية للمؤتمر تشكّل تراجعاً عن التزامات بزيادتها بانتظام اتّخذت العام الماضي خلال “كوب26” في غلاسغو.

وأسفت لورانس توبيانا إحدى مهندسات اتفاق باريس للمناخ في 2015 لكون “مؤتمر الأطراف هذا أضعف واجبات الدول في تقديم التزامات جديدة أكثر طموحاً”.

تضاف إلى ذلك مسألة خفض استخدام الطاقة الأحفورية المسببة للاحترار التي بالكاد أتت وثائق المؤتمر على ذكرها.

وتم ذكر الفحم العام الماضي بعد مناقشات حادة، لكن في شرم الشيخ عارض “المشبوهون الاعتياديون” على ما قال أحد المندوبين، ذكر الغاز والنفط. والمملكة العربية السعودية وإيران وروسيا هي من أكثر الدول التي تذكر في هذا المجال.

إلا أنّ تطوير مصادر الطاقة المتجددة ذكر للمرة الأولى إلى جانب مصادر الطاقة “المنخفضة الانبعاثات” في إشارة إلى الطاقة النووية.

 

 

 

 

 

 

 

النهار

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى