إقفال المصارف.. عند قوم فوائد
ما كان ينقص اقتصاد لبنان أو بقاياه إلا أن يتوقف ما بقي من العجلة المصرفية. فمسلسل الاقتحامات “الممسرحة” حينا والصادقة أحيانا، استولد كرة ثلج بات نموها وتضخّمها يهددان بتدمير ما بقي من مصارف. فقد اختفت الودائع واختفت معها الدولة ووُضع المودعون في مواجهة المصارف: مودعون شديدو الحاجة إلى طبابة واستشفاء وتعليم أولادهم ومصروف قوت يومهم في مواجهة مصارف أشد حاجة إلى مليارات أودعتها الناس عندهم واختفت في جوف حوت الدولة.
فأين الحل؟
إذا فتحت المصارف أبوابها كالعادة وسالت الدماء، الأمر الذي يتخوف منه مسؤولو المصارف وموظفوها كما القيادات الامنية، نكون أمام مشهد قد يتطور إلى ما قد لا يحمد عقباه. وما حصل الأسبوع الفائت من إطلاق نار على أحد الفروع المصرفية في جبيل من دون توقيف مطلق النار، إشارة غير مشجعة، إنما تدل على أن “الجمر تحت الرماد” قد يتحول لهيبا وعندها لن ينفع الندم. أما في حال استمرت المصارف بالإقفال الجزئي لأبوابها والاكتفاء بخدمات الصرافات الآلية أو الاستقبال عبر موعد مسبق لشريحة محددة من المودعين، فهذا يعني حصارا إضافيا يخنق ما تبقى من خدمات مصرفية لا تزال مصارف لبنان تؤمّنها وتساعد من خلالها نفسها على الصمود إلى حين البتّ بمصير القطاع برمته، كما تساعد جزئيا في تنشيط بعض الحركة الاقتصادية والنقدية.
لذا ما بين حق المودع بماله وحق المصرف بأمانه تضيع على القطاع المصرفي مداخيل كبيرة تعزز قليلا من قوته وأرباحه يخسرها لمصلحة شركات التحويل المالية، حيث إن المغتربين باتوا يفضلون التعامل مع شركات تحويل الأموال ذات الكلفة الأعلى على التحويل عبر المصارف اللبنانية إلى عائلاتهم وأنسبائهم تجنباً للإرباكات والمعوقات التي تحصل نتيجة الاقفال الجزئي للمصارف.
وفي هذا الاطار، تتوقع مصادر شركات تحويل الأموال أن ترتفع نسبة الحوالات المالية في هذه الفترة بنسبة كبيرة تضاف إلى نسبة الـ 80% التي زادتها في الأشهر الستة الأولى من السنة مقارنة مع الفترة عينها من العام 2021. وهذا ما دفع شركة “OMT” مثلا التي تسيطر على 80% من سوق الحوالات المالية خارج القطاع المصرفي إلى زيادة عدد مكاتبها في لبنان لتصل إلى نحو 3500 مكتب في كل المناطق، وفق ما تؤكد المصادر عينها.
النهار