صخب العدو الإعلامي.. لا وزن سياسي له
بقلم الاعلامي والناقد الفني جهاد أيوب
كل هذه الضوضاء الإسرائيلية كرد على لبنان وملاحظاته المنطقية في الورقة الأميركية المعنية بترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة هي ضجيج إعلامي متعمد، و”جعير” سياسي من الدرجة الثانية خارج تصريحات القيادات الصهيونية الأولى والمعنية يصب في لجم تحركات نتانياهو وجماعاته في واشنطن، حيث شكل نشاطاً كبيراً ومدعوماً من بعض الدول الأعرابية مادياً. وقد سخرت هذه الدول علاقاتها ومعارفها مع كبار المسؤولين في الكونغرس والبيت الأبيض، وبمشاركة بعض الإعلام المعني بتلميع صورة محمد بن سلمان لصالح تحرك نتانياهو هناك.
وهذا الصخب المجاهر به إسرائيلياً في خطواته الأولى هو انتخابي بحت، ولا مجال للتفكير عكس ذاك، ولكن في صبيحة اليوم الثاني من هكذا حملة مكشوفة داخلياً صدرت غالبية الصحف الإسرائيلية ضده، كاشفة أن الأوراق الصهيونية مكشوفة، وأن الرئيس الأميركي أكثر المستعجلين للإنتهاء من هذا إلترسيم كي يستخدمه في أميركا فوزاً كبيراً في لعبة السلام الكذبة، وحضور حزبه في الحملات الانتخابية الأميركية المقبلة، وهو الذي ينسب لنفسه نجاح هذا الترسيم بعد مفاوضات استمرت اكثر من 12 سنة فاشلة.
أميركا تريد الإنتهاء من هذا الحال قبل الدخول إلى فصل الشتاء البارد في أوروبا، وهي بحاجة للغاز والنفط الشرق الأوسطي خاصة الفلسطيني المحتل، ومن بحر لبنان عبر الشركات العاملة في حقل لبنان.
ليس مستجداً هذا التسريب الصهيوني المبطن. العدو الاسرائيلي يعتقد أنه يعيق المفاوض اللبناني، ويعطي مساحة لزمر لبنانية هي ضد مصلحة لبنان في كل الأمور. والدليل ما ظهرت عليه بعض الصحف والفضائيات المحلية والممولة سعودياً من شماتة وقساوة على عكس ما جاء في الإعلام الصهيوني. إذ للأسف بعض الإعلام اللبناني صهيوني على لبنان أكثر من الصهاينة انفسهم، ويعمل ضمن غرف سوداء في السفارة الاميركية بإشراف مباشر من السفيرة شيا!
أميركا في عهد الرئيس بايدن تعتبر أن ترسيم الحدود بين لبنان والكيان المؤقت إن تم انجازاً تريده ويسجل لها، وغاية ضرورية بعد اشتعال حرب أوكرانيا، وما تعانية أوروبا، وبالتحديد ألمانيا الخاسر الأكبر من تلك الحرب اقتصادياً واجتماعياً. كما أنها لا ترغب، ولا تتحمل أي حرب جديدة في الشرق الأوسط. وإن وقعت هذه الحرب بين المقاومة والصهاينة لن تكون حرباً عابرة بل قاسية، ومواجهة مدمرة خاصة للاقتصاد الصهيوني. وهي تصفية حسابات محمومة تاريخياً ومشحونة نفسياً. والأخطر أنه لم يعد للبنان أي ضرر من الحرب إن وقعت، فبفضل الحصار الأميركي له، أصبحت كل مرافقه ومؤسساته معطلة، ولربما الحرب تعيد بناء ما هدمه الفساد اللبناني المغطى أميركياً!
إرادة وإدارة بايدن لن تضغط على لبنان كي يتراجع عن حقوقه، وهي تعلم أن المقاومة التي أدارت اللعبة الترسيمية بشطارة ومهارة واتقان من بعيد لن تتفرج على ما يحدث، ومشكلة إدارة بايدن الآن مع الحكومة الصهيونية بعد أن تنازل لبنان عن كثير من حقوقه
الحاجة الأوروبية إلى الغاز اليوم قبل أي يوم، واندلاع المواجهة الحربية تلغي أي استخراج للغاز من قبل الصهاينة، خاصة أن ميزان افتعال الحرب ليس بيد إسرائيل، بل بتقديرات المقاومة في لبنان.
والأخطر من كل هذا، أن لبنان في حال رفضت إسرائيل شروطه على الورقة الأميركية الملغومة والخبيثة لن يقبل بحدوده البحرية الحالية، بل سيعمل على انطلاق أي مفاوضات مقبلة من خط 30. وهذا ما سيعول عليه مباشرة وإرسال ذلك إلى الامم المتحدة. اي أن لبنان سيعمل على تحسين شروطه لضم ما له من مساحات كان فؤاد السنيورة قد ارتكب خطيئة خيانية لحقوق لبنان في خط 29.
الأميركي سيسحب صخب الصهاينة خلال الاسبوع المقبل، وقد يعمل على مصالحه الاقتصادية والأوروبية في توقيع هذا الترسيم الحدودي، فظروفه لا ولن تسمح بالتأخير.
وفي المقلب اللبناني من المستحيل التراجع، وإن انتهى مكتب المقاومة المعني بدراسة متأنية للحدود البحرية اللبنانية الفلسطينية فلكل حادث حديث… وهنا مع الموسوي اللعبة مختلفة، والسيناريو أكثر اختلافاً.