هل يفك القضاة اعتكافهم؟
… وإذا كان القضاة قد تلقّوا وعداً من وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى بألّا يكون الاعتماد محصوراً بشهرين فقط وأنّهم سيقبضون ابتداء من شهر تشرين الأوّل المقبل رواتبهم على سعر 8 آلاف ليرة لبنانيّة، فإنّ الأمر لا يزال في إطار الكلام غير الرسمي. إلا أن هذه الوعود وحدها ما تجعل القضاة يعودون خطوة إلى الوراء بعدما اقتنع كثيرٌ منهم بأنّ قرار اعتكافهم لن يوصل بهم إلى مكانٍ في ظل تعنّت الدولة واتباعها سياسة إدارة الظهر للقضاة. وصاروا مكبّلين، لا هم قادرون على السير إلى الإمام في ظل عدم وجود خطّة جامعة يمكن أن تفتح كوّة في الجدار، كما ليس بإمكانهم أصلاً العودة إلى الخلف من دون نيْلهم مكتسباتٍ ولو ضئيلة حتى يعودوا عن قرارهم «التوقف القسري عن العمل»، على حد قولهم.
ولذلك، فإنّ مجلس القضاء الأعلى دعا إلى جمعيّة عموميّة تُعقد صباح اليوم في القاعة الكبرى لمحكمة التمييز، بهدف طرح مسألة فك الاعتكاف. بعض القضاة يتفهّمون هذا الأمر على اعتبار أنّ «أسباب توقفنا القسري عن العمل زالت في حال قبض الرواتب على سعر آخر»، فيما قضاة آخرون يقولون: «سيُصدم عبود بردّة فعلنا لأننا لن نتزحزح قيد أنملة عن اعتكافنا طالما أننا لم ننل حقوقنا بعد، وكل ما يُقال عن زيادة الرواتب هو في إطار الوعود ليس إلّا». وفي كلتا الحالتين، فإن المشهد في قصر عدل بيروت اليوم سينتهي على الأرجح بإشكالٍ سيحصل داخل الجمعيّة، قبل أن يحدث الانقسام بين القضاة الذين سيعمد معظمهم إلى فك الإضراب، فيما ستتمسّك الأقليّة بموقفها.
وفي سياق متصل، عقد نادي القضاة مؤتمراً صحافياً أمس في نادي الصحافة، فيما يشير رئيس النادي القاضي فيصل مكي إلى أن المؤتمر الصحافي والجمعيّة العموميّة غير مرتبطين ببعضهما البعض. وبينما كان الحاضرون ينتظرون أن يُعلن النادي ثورة إلى حين تحقيق استقلاليّة القضاء، لم يُقدّم النادي خطة عمل للمرحلة المقبلة، بل كان هدف اللقاء هو «تبييض صفحة» القضاة أمام العموم وتوضيح بعض الالتباسات كعرقلة بعض القرارات القضائية ووجود بعض القضاة في مواقع مهمّة تتأثر بالسلطة السياسيّة، بهدف إعادة ثقة المواطنين بالسلطة القضائية.
وطالبت الهيئة الإدارية للنادي بـ«رفع اليد عن القضاء وإصدار قانون يؤمن الاستقلالية القضائية، وإلغاء الحصانات التي تعيق محاسبة الفاسدين، ورفع السرية المصرفية في بعض القضايا المرتبطة بالفساد، وتفعيل هيئة التفتيش القضائي، وتنقية القضاء، وإلغاء الطائفية السياسيّة وإعادة الثقة بالقضاء».
الاخبار