عن مشهدية الأشرفية الأخيرة..
…
ما يحصل اليوم ليس عادياً. مشهدية الأشرفية الأخيرة، والاستعلاء الفارغ والغبيّ والمَقيت الذي يُعبّر عنه يومياً على مواقع التواصل الاجتماعي، ونتائج أقلام الاقتراع المسيحية للقوات والكتائب والمجتمع المدني التابع للسفارة الأميركية وكل المزايدين على النائب السابق فارس سعيد في مقارعة «الاحتلال الإيرانيّ»… كلّها تفيد بفشل محاولات إخراج هؤلاء من تحت أنقاض المبنى الذي هوى فوق بشير الجميل، وبأن هناك من يصرّ على أن يدفن نفسه مع بشير ومشروعه. مع ضرورة الأخذ في الحسبان أن التذكير بارتكابات بشير وقواته لا يفيد مسيحياً، كما لا يفيد التذكير الضروريّ بارتكاباته في البيئة المسيحية نفسها أكثر من كل ما ارتكبه خصوم المسيحيين المفترضون. المفيد – ربما – هو المقارنة السريعة بين ما سلّمته المارونية السياسية لبشير، وما سلّمه بشير لمن خلفه؛ هنا، وهكذا، تُقيّم البطولات والمسيرة والتجربة والمشروع و«الحلم».
سلّمت المارونية السياسية بشير كل ما لديها فأضاعها بخياراته السياسية الغبية. يومها كان المسيحيون في ذروة قوتهم، سياسياً واقتصادياً ومالياً وديموغرافياً واستشفائياً وإعلامياً وتربوياً، وكان هناك في الداخل والخارج من يتعامل معهم بجدية. اليوم، نتيجة التهوّر الذي دفعهم بشير إليه لم يبقَ من هذا كله في الداخل والخارج إلا مكرمات الاستخبارات السعودية و«غمرات» السفير وعبثية غرائزية تستسهل الانتحار.
الاخبار