لربما كانت مزحة إعلامية؟!
بقلم الدكتور احمد عياش
هم دعوا للاقفال حداداً على ضحايا الرابع من شهر آب. لم أصدّق ما قرأته… لربما كانت مزحة إعلامية!
قرأت أن المصارف ستقفل حداداً على أرواح لبنانيين، سوريين مصريين وأجانب قضوا بحادثة إنفجار المرفأ. فأية نزاهة هي وأي شرف رفيع لا ينقصه إلا أن تتقدّم الجماهير من المصارف لقبول المواساة والتعازي؟!
أمرنا مضحك. نحن ضحايا أكبر حادثة إبادة جماعية عبر مجزرة مالية قام بها جهابذة علم الإقتصاد والمال وإدارة المصارف لم يرحمنا أحد، لم يعترف بقتلنا أحد ولم يترك أي قاتل رسالة اعتذار لنا رغم أن مسرح الجريمة واضح وأدوات الجريمة موجودة أمام أي قاض مبتدىء وأمام أي نيابة عامة مالية مشغولة بتكدّس الملفات.
نحن الناس الواقفين أمام الافران، أمام محطات الوقود وأمام أبواب أقسام الطوارىء لم يواسينا أحد ولم يقفل مقهى واحد أبوابه أمام تشييع جنازتنا المتكرّرة في مشهد درامي لا ينتهي…
ستقفل المصارف في الرابع من شهر آب في محاولة يائسة للتطهرّ وفي محاولة وقحة لإقناع اللبنانيين بالنوايا الحسنة.
ولكن لماذا تحتاج للتطهّر؟
لأنّ الجميع زبائن ولو ماتوا. ولأن ترسيم الحدود البحرية المحتملة قريباً تعني إعادة ضخ الأموال في الأسواق اللبنانية، وأن على الضحايا أن يثقوا من جديد بزهرة النظام الإقصادي الحرّ المتمثّل بالقطاع المصرفي الذكي والمتذاكي.
اللبنانيون وغير اللبنانيين زبائن دائمون وضحايا دائمون لأي عقل مصرفي. والمؤمن الذكي لا يلدغ من جحره مرّتين وثلاثة وأربعة. فالزبون المؤمن الذكي قرّر منذ بدء المجزرة المالية والإبادة الجماعية أن يخزّن أمواله في الطناجر، في أساور ذهب حول الزنود، في أسنان من ذهب وفي أي عقار من تراب ومن حجارة مهما كان بعيداً على أن يعود كالأحمق المغتصَب ليضع رزق عياله كأمانة في عبّ الدولة المالية العميقة المحلية.
عبّ الدولة المالية العميقة وما أدراكم ما الدولة العميقة!
دور القطاع المصرفي أن يأخذ المال من الناس بفائدة بسيطة ليستثمرها بفائدة مالية أعلى في المصرف المركزي الذي بدوره يهب من يشاء من موظفيه، تجار، متعهدين ومن سماسرة في الدولة المتراخية ليعظم الإفلاس عن قصد وليوقّع لبنان الضعيف على بحيرة قانا وأن ينسى بحر كاريش…
اللبنانيون سيفضلون تكديس أموالهم تحت وساداتهم على أن ينعشوا الحاكم بأمر المال وقطاعا دمّر العملة الوطنية وهجّر الناس وتسبب لهم بالموت المفاجىء…
ستقفل المصارف في يوم حزين لذوي الموتى والجرحى والمدمّرة بيوتهم والمتضامنين الشرفاء معهم، ستقفل المصارف في يوم ليس بحاجة لتضامن من شاركوا بخراب البلد ماليا.
وتذكروا ان مكان اللصّ والمجرم السجن والمشنقة فقط.