المعيار التمثيلي معبر أزموي لإنتخاب رئيس الجمهورية
على افتراض ان المواقف الأولية التي بدأت القوى السياسية تطلقها حيال الاستحقاق الرئاسي ستشكل عامل تأثير جديا في “الرسمة” للرئيس الرابع عشر للجمهورية اللبنانية، يستوقفنا في هذه الفترة إعادة تسليط المعيار التمثيلي كاساس لانتخاب الرئيس المقبل ، اذا حصل ولم تذهب البلاد الى شر الفراغ . هذا المعيار الذي يضرب على وتره جبران باسيل كمعبر حتمي لتياره في ترشحه المحتمل هو شخصيا او في “صناعة الرئيس” يعكس في حقيقة الامر اقصى درجات المكابرة حيال أسوأ تجربة تمثيلية اطلاقا لرئيس في كل تاريخ الرئاسات والجمهورية أي تجربة تلك الأسطورة المتهالكة المسماة “العهد القوي” . وما دام العد العكسي لاشتعال السباق “الماروني” الى بعبدا قد بدأ فلم يعد جائزا المرور بتجاهل في البدايات والنهايات على مقاربة معيار التمثيل السياسي والنيابي لرئيس الجمهورية المقبل في ظل الواقع الثقيل الكارثي الذي ستجرى في ظله الانتخابات الرئاسية المقبلة ، بحيث يستحيل مقاربة المواقف الداخلية والخارجية من الرئيس الجديد في معزل عن انهيار لبنان في عهد الرئيس ميشال عون.
قد يكون متسامحا به التمسك بالمعيار التمثيلي في ظل معادلة طائفية لا تبدو قابلة للتبديل راهنا لجهة اختيار من يوصفون ب”الأقوياء” في طوائفهم وتاليا مع رئاسة مجلس نواب “مختارة” باجماع طائفتها ورئيس مجلس وزراء اختير بأكثرية كبيرة من طائفته ودوما على المعيار التمثيلي . لكن الامر سيتبدل تبدلا جذريا لا مفر منه حين تبدأ المقاربة امام “المسيحيين” أولا على أساس السؤال المصيري الآتي : هل تودون المضي في “قيادة” البلاد ( ولو نظريا عبر الهرمية الدستورية ) على أرضية معادلة اثبتت قطعا فشلها المخيف مع العهد الافل ، ام تريدون الريادة مجددا في كسر كل القوالب المتكلسة واطلاق معيار التغيير الجذري والمعايير المحدثة في إيصال تغييريين حقيقيين تنطلق معهم مسيرة خروج لبنان من الانهيار الأسوأ الذي ضربه؟
غداة أسبوع انفجار قضية المطران موسى الحاج والزحف الى الديمان تعبيرا عن التفاف مسيحي بل ووطني عابر للطوائف حول البطريركية المارونية ، لا نجد ادنى حرج في التذكير بحقيقة مرة مفادها ان مسألة تحكيم معيار التمثيل في اختيار رئيس الجمهورية التي رعتها بكركي آنذاك بين الأقطاب الموارنة تحت وطأة الفراغ الرئاسي والتي أدت في النهاية الى انتخاب الرئيس الحالي ، ينبغي ان يعلن فقدانها الصلاحية أولا وعدم قابلية “الزمن الجديد” اطلاقا لاعادة صياغة أي من ادبياتها ثانيا ، وعدم استعداد بكركي تحت أي عامل ووطأة للتورط في “صناعة رئيس” لا يحاكي اثنين : “تحرير” الرئاسة من شوائب هذا العهد بما يقتضي عودة الرئيس الدستوري بكل ما للكلمة من مضمون ، وعدم القبول باقل من رئيس تغييري مؤهل لترجمة ثورة اللبنانيين واستعادة هيبة المسؤولية لبدء اطلاق النجاة من هذا الجحيم . اما معيار تحكيم التمثيل فلن يكون في حال الخضوع لموجباته مجددا ، في أي اتجاه سياسي ، الا استعادة مخيفة انتحارية لما يشبه الرهانات المغالية جدا على انتخابات نيابية ظن المراهنون انها ستاتي بالانقلاب التغييري للتخلص من سلطة “محور الممانعة” فاذا بالفترة الطليعية للبرلمان الجديد تذيقنا مر العلقم مجددا وباسرع مما تخيل احد.
هذا الجاري الان في اذهان جهات تظن انها بالمكابرة الوقحة وحدها قادرة على نفض تبعتها التاريخية عن انهيار لبنان لا يقاوم الا بكسر خطأ تاريخي أيضا اسمه “قوة الخداع”.
النهار