متفرقات

عين الغراب

بقلم علي زعرور

كنا وكان البقاء يلاحقنا كطيف كسيح الخطى، بعد أن استسلم  الصمود أمام قوة لها الحيز الأكبر في تشكيل يومياتنا الذابلة عند مفترق حاجة فاقدة للوعي.

صرت أعزفك لحناً على أوتار الحقيقة عندما أغْمَضَ الصدق  جفنيه كعين غراب وباتت جدائل لسانك تلفظ أنفاسها الأخيرة بعد أن استنزفت كل مؤونتها نتيجة الرغي المتواصل على موائد التخمة الكاذبة.

في منتجعٍ بلونه القاتم كان السواد يليق بالحضور، عائلة نعيقها يوازي هرولة أقدامها وكل ما فيها بوح كاذب وضحكات تتساقط على الثرى، تلملمها أيادٍ تعلم أنهم صورة عارية من ألوان الحقيقة.

حمراء وسمراء في وقفة متقابلة على عكازة بدخان أصفر تبرز سعير القلب في ضحكة مترهّلة وملامح ثلجية بطعم البحر الميت أغدقت وَحْلَها تُرّهات مجنونة، والشاهد الأكبر على غباوة المشهد هذا الغراب الذي  يذرف إطراءاته على سيّدٍ أُعتِقت رقبتة بجلدةٍ ووشمٍ وسوطٍ عابرٍ للطاعة.

المتاهة الغارقة بلون الربيع المستأجر كانت إملاءات عالية السقف توزع على شكل مطارحات غرامية بعيدة عن الضوابط الأساسية للسوسيولوجيا الفهمية حيث الحضور مثاليين بعقول متجعّدة بين أقدام سفلية لا تعي لغة الكيان والذات الفاعلة.

على أرائكَ مرصعةٍ بالتفاهة برزت العلاقة السببية بينهم، كل الذين نراهم في هذه الصور مجرد دمى متحركة بلا عنفوان وطموح وثقة مطلقة، هم مجرد قبور فاخرة. فوقها حراك بصوت باطني وإرادة معدومة.

وحده هذا الواقع المستنسخ في رجل لا أعرفه وأعرف كل شيء عنه هو مجرد تفصيل ميت مبني على فوضى مراسلة تتسلل بمحاذاة جدران مذبوحة بكتابات صغيرة لا تنبت سوى ولاءات مأجورة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى