متفرقات

سنرحل بصمت..

بقلم علي زعرور

هو التوقيت المعصوب بنظرة جوفاء أراد أن يؤرق مقلتيه بحلكته السوداء، يثمل على أعتاب ليل يستدرجه إلى ملاقاته وعلى فواصل وحدته صمتٌ بين سطور وكلمات طيبة.

على قارعة القلب كانت اللحظات تصوغ مضامينها شوقاً إلى معانقة من نوعٍ آخر، تلوّح برايتها على مفترق سعادةٍ بعد أن لونتها بجملٍ تركت معانيها أسيرة وقت عابر في سجل الرحيل.

بعد فرحةٍ خانها الزمن، كانت الذكرى تدق بابه بتفاصيل لم يدرك محتواها المتخم برسائل الخلاص، وفي بدايتها  يومٌ لأمومة حافل بألوان غلب عليها طابع الرجاء والعروج نحو الملكوت الأعلى. كلماتها التي كانت تنساب على مسامعه المهملة حين كان يقصدها زائراً كل ليلة، عادت إليه مثقلة بكل ما غاب عنه وما حضر.

هو المتأرجح على نوافذها المفتوحة بابتهالاتها اليومية، غيّبت عنه شكوتها من داءٍ مرافق لها، مع بعض أنّات تحاول إخفائها ببسمة ثغر ذابلٍ مع أفول العمر، هذا الداء الذي ناهز الأربعين عاماً مصاحباً لها بكل تداعياته بدأ يفرد أساريره مع أول معايشة تتسلل إلى جسده بفوضى عارمة ودواء كان على يقين أنه سيلازمه كهوية جسدية دائمة.

باختلال للتوازن وانقباض على الصدر، كانت خطوات نبضه تائهة في زحام أنفاسٍ تجهد كي ترسو على بر أمان خارج شفتين متعبتين، وصوت آلةٍ تقتحم خلوته كمؤشر اطمئنان مبدئي أو إنذار شؤم لتناول حبة دواء بمفعول عابرٍ للنتيجة.

معانداً قدرته زارها في يوم الأمّ الحافل بالصمت حيث وجدها كعادتها مستلقية على أريكةٍ تعدّ أيامها أو أشهرها المعدودة. ألقى عليها سلام الطمأنينة السقيمة متظاهراً أنه بأحسن حالٍ. ظنّ أنّه لن تلاحظ وجهه العارم بملامح لا تشبهه. وانبجس ثغرها تدعو له بالشفاء طالبة أن يطمئنها على حاله، متناسية حالتها الغارقة في سقم حالته.

بأنامل دوّنت عبارة “سنرحل بصمت” سقطت إبتساماته على روزنامة أيام أصبحت كطيفٍ بملامح مجهولة، يهمس بأذنِ الساعات تحية قلبٍ مجففٍ ووداع عاشقٍ للكلمة.

 

 

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى