ميقاتي ام الحريري لرئاسة الحكومة؟
يُنتظر أن يدعو رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى الإستشارات النيابية المُلزمة إذا جرى كلّ شيء وفق ما هو مفترض. فالمطلوب أولاً تشكّل الكتل النيابية وإرسال أسماء نوّابها الى قصر الرئاسة لتتمّ الدعوة على أساسها، فضلاً عن التوافق المبدئي على إسم الرئيس المكلَّف تشكيل الحكومة الجديدة، وذلك لعدم إضاعة الوقت في تكرار الدعوة في حال جرى تسمية أكثر من شخصية من قبل الكتل النيابية الجديدة، على غرار ما حصل في مجلس النوّاب لدى التصويت لأميني سرّ هيئة المكتب.
وتقول مصادر سياسية عليمة بأنّ حظوظ رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالية نجيب ميقاتي بدأت تعود الى الإرتفاع في ظلّ الدعم الخارجي له، لا سيما من قبل فرنسا، وقد ظهر ذلك خلال التحرّك الذي قامت به السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريّو بعد الإنتخابات في اتجاه بعض السياسيين. مع التذكير بأنّ ميقاتي عاد الى السراي مع حكومته الحالية بضمانات خارجية، على ما سبق وأن أعلن. غير أنّ وصوله مجدّداً دونه عقبات، قد تكون هي نفسها التي قلّلت من نسبة التصويت للرئيس نبيه برّي للعودة الى رئاسة مجلس النوّاب.
وأضافت بأنّ النوّاب التغييريين الذين قرّروا، على ما يبدو، التكتّل معاً، ليُشكّلوا “قوة ضاغطة” في مجلس النوّاب، لن يُصوّتوا للرئيس ميقاتي، كونه من السلطة الحاكمة التي دخلوا الى البرلمان بهدف تغييرها. كذلك فإنّ النوّاب السنّة المحسوبين على السعودية لن يُسمّوه أيضاً، سيما وأنّ هذه الأخيرة ترفض عودته الى السراي لترؤس حكومة “قد تحكم البلاد لفترة”، في حال تعثّر انتخاب الرئيس الجديد للبلاد في تشرين الأول المقبل.
ولهذا، فإنّ عدد الذين قد يُسمّون الرئيس ميقاتي لن يتخطّى ال 65 صوتاً والتي حاز عليها كلّ من رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي ونائبه الياس بو صعب وأمين السرّ آلان عون. وهذا الرقم يُظهر عدم استعداد غالبية الكتل النيابية للعمل مع الرئيس ميقاتي. ومن هنا، على ميقاتي القيام بالمزيد من المشاورات لاستقطاب عدد أكبر من أصوات الكتل والنوَّاب الجدد. علماً بأنّ تأييد دول الخارج لعودته تعود الى قدرة حكومته على إنجاز استحقاق الإنتخابات النيابية في لبنان ودول الخارج، رغم كلّ التشكيك بالعملية الإنتخابية الذي ساد في لبنان حتى الربع ساعة الأخير. فضلاً عن قدرة حكومته على وضع الأسس خلال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ويمكنه متابعتها لعقد الاتفاقية الموعودة.
وأشارت المصادر نفسها الى أنّ عودة “بروز” إسم رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، الذي علّق عمله السياسي ولم يخض الإنتخابات هو وتيّاره السياسي، فيما فضّل بعض نوّاب “تيّار المستقبل” خوضها بمفردهم، وقد فاز بعضهم، فيما خسر البعض الآخر، على الساحة السياسية أمس، وإن في خبر عن “إعلان مستشفى بخعازي عن إعادة تشغيل وتأهيل مركز الشيخ محمد بن زايد الإماراتي في الواجهة البحرية لبيروت كمركز للعلاج المستعجل”.. والتذكير بأن “افتتاح المركز كان بمسعى من الرئيس سعد الحريري”، إنَّما يحمل رسالة مبطّنة عن إمكانية عودة الحريري الى لبنان، والى العمل السياسي من باب السراي الحكومي. فضلاً عن رسالة واضحة بدعم الإمارات العربية له.
غير أنّ عودة الحريري الى السراي، على ما أضافت، دونها عقبات كبيرة أيضاً، منها أنّه غير مرغوب من قبل السعودية، ولا نعلم حتى الآن إذا ما كانت بدّلت موقفها منه بعد نتائج الإنتخابات النيابية التي لم تُفرز زعيماً سنيًّاً، على ما كانت تطمح السعودية، إنَّما شخصيات سنيّة تُمثِّل الطائفة السنيّة في هذه الدائرة ولا تمثِّلها في تلك. فضلاً عن أنّ كتلاً حزبية عدّة، فضلا عن نوّاب 17 تشرين، يرفضون تسميته، كلّ لاعتبارات وأسباب خاصة به.
أمّا أن يكون لكلّ كتلة في البرلمان إسماً معيّناً للتكليف يختلف عن الأسماء الأخرى مثل نوّاف سلام، أو أسامة سعد أو عبد الرحمن البزري وإحدى الشخصيات التي قد يختارها التغييريون، فمن شأنه، على ما ذكرت المصادر عينها، تشتيت الأصوات وعدم حصول أي منها على غالبية مشجّعة لتكليفه تشكيل الحكومة.
ولهذا، فإنّ إسماً جديداً قد يبرز خلال الأيام المقبلة، من الشخصيات السنيّة التي لم تجرِّب حظّها بعد في رئاسة الحكومة، ولكن لن يتمّ الإعلان عنه، إلا بعد أن تتفق غالبية الكتل النيابية عليه، بما فيها كتلة النوّاب التغييريين. الأمر الذي من شأنه أن يجعل عملية التأليف أسهل وأسرع خصوصاً وأن إضاعة الوقت لا يصبّ لصالحها في المرحلة الراهنة.
الديار