تغير المناخ يلقي بثقله على كاليفورنيا
دخل الجفاف غرب الولايات المتحدة، مرحلة خطيرة مع سعي حثيث من العلماء في البلاد لمحاولة إنقاذ الأسماك والحياة المائية في واحدة من أكبر بحيرات ولاية كاليفورنيا، التي باتت تواجه خطر الجفاف التام، باعتباره أبرز مظاهر التغير المناخي، وهي سابقة تاريخية في البلاد.
وتقع بحيرة كالاماث شمال شرقي الولاية الغربية، حيث أعلن مكتب الاستصلاح الأميركي، الذي يدير مشاريع الري، عن صرف 15 مليون دولار إغاثة للمزارعين المتضررين و5 ملايين دولار لقبائل الأميركيين الأصليين، بدلًا ماليًا لقرار حذّر فيه المزارعين من استعمال النسبة الحديثة المخصصة لهم من المياه.
وتضمن القرار السماح بنسبة السُبع فقط من حاجة المزارعين للمياه، الأمر الذي أثار مخاوف كبيرة لا سيما أن المنطقة أصبحت الآن في أشد موجة جفاف منذ ما لا يقل عن 1200 عام، وهو أسوأ سيناريو لتغير المناخ يحدث في الوقت الفعلي، وفقًا لدراسة أميركية أجريت الشهر الماضي، بحسب وكالة “أسوشيتد برس”.
اقل من المعدل
وقال مسؤولون في مكتب الاستصلاح: إنّ التدفق المائي في بحيرة كلاماث العليا بلغ أدنى مستوياته القياسية التاريخية، ويمكن أن تنخفض مخصصات المياه أكثر إذا ساءت ظروف الجفاف هذا الصيف.
وقال بن دوفال، رئيس جمعية مستخدمي المياه في كلاماث، الذي يدير مزرعة في توليلاكي بكاليفورنيا: إنّ كمية المياه المتاحة باتت أقل من 15% مما يحتاجه المزارعون، وهي النسبة التي سمح بها الحاكم أفين نيوسوم الصيف الماضي.
وما يزيد من المخاوف لدى السلطات الأميركية، هو الغضب الذي يعتري السكان، إذ قال إرنست كونانت، المدير الإقليمي لمكتب الاستصلاح: إنّ ردود فعل المزارعين حول نسب الري تراوحت بين الصدمة والغضب على الأخبار، وقالوا إنهم غير متأكدين من قدرتهم على الاستمرار لموسم آخر بدون إمدادات مياه كافية.
وتستفيد من ثروة بحيرة كالاماث على حدود كاليفورنيا-أوريغون، مزارع وقبيلة أميركية كبيرة أصلية، إذ يشكل مخزون سمك السلمون منها مردودًا مهمًا لهم، كما أن أكثر من 1000 مزارع ومربي ماشية كانوا يستفيدون من مياه نهر يبلغ طوله 257 ميلاً (407 كيلومترات) يتدفق من بحيرة كلاماث العليا إلى المحيط الهادئ .
السلمون والمياه
وهذه هي السنة الثالثة على التوالي التي يؤثر فيها الجفاف الشديد على المزارعين والأسماك والقبائل في منطقة لا توجد فيها مياه كافية لتلبية حاجاتهم؛ ففي العام الماضي، لم تتدفق مياه على الإطلاق عبر قناة الري الرئيسية لمشروع استصلاح “كلاماث”، ونفق الآلاف من صغار أسماك السلمون.
ويتوقع المسؤولون عن عملية استصلاح الأراضي في الولاية، استمرار معاناة أسماك السلمون في ظل هذه الظروف، ومع اشتداد تغيّر المناخ.
والعام الماضي، خضعت 50 من أصل 58 مقاطعة في كاليفورنيا لإجراءات الطوارئ؛ تشمل عواقب الجفاف، وزيادة مخاطر الحرائق في منطقة دمرتها سابقًا حرائق الغابات الهائلة خلال السنوات الأخيرة.
وتؤثر حالة الطوارئ المتعلقة بالجفاف على 42% من السكان، معظمهم في شمال كاليفورنيا ووسطها، وتمنح السلطات صلاحيات إضافية للتحكم بالموارد.
ووصلت درجات الحرارة العام الماضي في وادي الموت بالولاية إلى 53 درجة مئوية.
الحرائق الكبيرة
واضطرت سلطات الولاية الصيف الماضي، إلى قطع الإمدادات عن المزارع بشكل مفاجئ ما أثار الغضب والذعر. كما شهدت كاليفورنيا شمالاً ثالث أكبر حريق في تاريخها الصيف الماضي، حيث قضى حريق “ديكسي فاير” الذي اجتاح مدينة غرينفل على أكثر من 1700 كيلومترًا مربعًا.
وأدى حريق آخر، في الموسم نفسه، ويدعى “كالدور فاير” لإخلاء آلاف الأشخاص منازلهم الواقعة على الضفة الجنوبية لبحيرة تاهو السياحية في الولاية، وأتى الحريق على أكثر من 700 كلم مربع، ودمّر مئات المباني كما انبعث منه دخان كثيف تسبب بتلوّث كبير في شمال كاليفورنيا.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي دفعت الكوارث المناخية في الولاية، بالرئيس الأميركي جو بايدن الى زيارتها، والتعهّد بمكافحة تغيّر المناخ الذي يخلف تلك الكوارث هناك، وقال خلال الزيارة: “الحقيقة هي أن لدينا مشكلة احترار عالمي”، مكررًا ما اتفقت عليه تقارير علمية بأن الأنشطة البشرية تؤثر على المناخ.
ويقول علماء: إن الجفاف الناتج عن التغير المناخي جعل غربي الولايات المتحدة أكثر عرضة للحرائق الضخمة والمدمرة. وسيؤدي تغير المناخ، وفق العلماء، إلى موجات جفاف أكثر حدة وتواترًا، ما يزيد من تعريض الأمن الغذائي للخطر.
واوائل الشهر الحالي، وفي أول تقييم له على الإطلاق، أعلن البيت الأبيض أن الفيضانات والحرائق والجفاف الناجم عن تغير المناخ، يمكن أن تقتطع جزءًا كبيرًا من الميزانية الاتحادية الأميركية سنويًا بحلول نهاية القرن.
ووجد مكتب تقييم الادارة والميزانية، الذي كلفه بايدن بمهامه في مايو/ أيار الماضي، أن تأثير تغيّر المناخ على الميزانية بحلول نهاية القرن يمكن أن يكلف الإيرادات خسائر سنوية تبلغ 7.1% أو ما يعادل تريليوني دولار سنويًا بسعر الدولار اليوم.
العربي