البنك الدولي: البيضة قبل الدجاجة
كتب الخبير المالي والاقتصادي الدكتور عماد عكوش
طالب البنك الدولي مصرف لبنان بإيجاد آلية روتينية لاستدامة تحويل تحصيلات مؤسسة كهرباء لبنان الى دولار أميريكي ونظام دفع واضح لتسديد مستحقات المؤسسة ولكي يضمن تسديد ثمن الغاز المطلوب إستجراره في المستقبل. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه كيف يمكن ان تكفي المتحصلات لتسديد ثمن الغاز بالدولار الأميريكي وتعرفة مؤسسة كهرباء لبنان لا زالت عبارة عن ملاليم لا تكفي حتى لتسديد رواتب ونفقات المؤسسة الأدارية؟ كيف يمكن لمؤسسة عاجزة عن تعديل هذه التعرفة ان تسدد ثمن الغاز المطلوب استجراره وثمن الكهرباء المفترض استجراره من الأردن بالدولار الأميريكي وهي لا تملك ما يكفي لدفع نفقات الأدارة فقط والأعباء الادارية تتزايد مع تزايد مطالب النقابات برفع بدلات النقل ورفع الرواتب والأجور وهي مطلب محق بعد انخفاض قيمة هذه الرواتب بنسبة تزيد عن 85 بالمئة؟ فما هو المقصود من هذه الآلية وكيف يمكن وضع خطة واضحة اذا كانت المؤسسة لا تملك؟ وما هو المقصود من هذا السؤال والطلب وكيف يمكن تحقيقه؟
هناك حلان لا يمكن تحقق هذا الأمر إلا من خلالهما، هما:
الحل الاول: هو عبر تفعيل التحصيل خاصة ان هناك فترات تمتد لفترة سنتين غير محصلة في الكثير من المناطق نتيجة لعدم فاعلية شركات الجباية الخاصة ولجوئها الى تخفيض عدد موظفيها وبالتالي خفض عدد المناطق التي تشملها عمليات الجباية، مع عدم وجود بند جزائي واضح لهذه الناحية في دفاتر الشروط والتي تمنع هذه الشركات من التأخير تحت أي حجة غير مقنعة وغير موضوعية، وبالتالي لاحقا” تحويل هذه المتحصلات الى الدولار الأميريكي بالسعر الرسمي كون المتحصلات لن تكون كافية اذا ما تم شراء الدولار بسعر المنصة.
الحل الثاني: هو تعديل التعرفة وشراء الدولار عبر منصة مصرف لبنان وهذا الامر مستبعد حاليا” في موسم الانتخابات، لذلك هذا الامر لن يحصل قبل ستة اشهر على الاقل.
ان شراء الدولار او تحويل المتحصلات بالسعر الرسمي هو دعم مستمر للكهرباء وهذه الكارثة لن يستطيع مصرف لبنان الاستمرار بها كونها تهدر ما تبقى من ودائع لدى مصرف لبنان وهذا الامر لا يمكن ان يستمر لانه سيوصل الى حالة من اختفاء كامل للدولارات التي لا زالت موجودة لدى مصرف لبنان وما يمكن ان ينعكس هذا الفقدان على كل نواحي الدعم الذي لا زال لغاية اليوم على بعض السلع الضرورية والاساسية بدل دعم الكهرباء الذي يستفيد منه الاغنياء اكثر من الفقراء بحجم استهلاكهم الاكبر قياسا” الى استهلاك الفقراء.
من هنا نسأل ما هو المطلوب ؟ هل المطلوب الذهاب نحو هدر ما تبقى من دولارات لدى مصرف لبنان ؟