جريمة انصار: حقيقة واحدة والتقصير قائم
تناولت الاعلامية وفاء ناصر جريمة انصار من منحى مختلف وسلطت الضوء على الاخلال الوظيفي. فكتبت:
نامت الام وبناتها قريرات العين الواحدة جانب الاخرى في جبانة بلدة انصار تاركات خلفهن دافع الجريمة لغزا كبيرا.
ورغم كثرة التكهنات وتداخل التحليلات تبقى الحقيقة المرة واحدة ولربما الوحيدة في هذه الفاجعة.
بجهود مدنية وعسكرية عثر على القاتل الثاني، فرح المجتمع بالخبر وصبّ جل تركيزه على القضاء ليشفي غليله. قضاء لم يقم بدوره كما يجب عند لجوء الاب إليه للتبليغ عن اختفاء عائلته بعد مضي 24 ساعة.
في هذه الجريمة التي تتكشف تفاصيلها بعد26 يوما من اكتشافها، لا يتحمل القاتلان (المعروفان حتى الآن) المسؤولية فقط بل يتقاسمها معهما كل من أخل بوظيفته عن قصد او دون قصد.
اذًا اكتمل المشهد الى حد ما، وبرز الى الواجهة دور الجهة المكلفة بالتحقيقات الاولية وما تأتى من وقائع مدرجة فيها سواء لجهة الفاعلين والادوات الجرمية. ولكن تبقى معضلة كيفية نقل ما تم التوصل اليه في التحقيقات الى الجهة القضائية الموكلة بمتابعة ملفات التحقيق وذلك بداية عبر اتصال هاتفي يتم من خلاله اخذ اشارة اولية حول مسار التحقيق، سواء بترك المشتبه به لعدم توفر الادلة او بتوقيفه.
درجت العادة وفقا للقوانين المرعية الاجراء ان يتم إخبار المحامي العام الاستئنافي في المحافظة واحاطته بالوقائع شفهيا عبر الهاتف وتلقي الرد منه بالطريقة ذاتها على ان يصار الى تدوينه في المحضر لاحقا.
قد يبدو للقارئ ان هذا الامر يشكل ثغرة قانونية لجهة عدم اطلاع القاضية على الوقائع وانما الاكتفاء بما تم نقله اليها شفهيا من قبل القائمين بالتحقيق. غير ان اصحاب الاختصاص القانوني يبررون ذلك بان القاضية التزمت بالمهام الموكلة اليها وفق القانون والصلاحيات.
ولكن اين تكمن الاشكالية في هذه الجريمة؟
تندرج الاجابة على هذا السؤال ضمن نقطتين مهمتين تناولهما المحامي حسن بزي.
فعلى ضوء الادلة الموجودة والتي لم تكن كافية، ووفقا لقناعات القاضية الشخصية لم تجد مبررا لتوقيف المشتبه فيه. وهذا يتعارض مع رأي المحامي حسن بزي الذي يرى ان موضوع الداتا كان يفرض توسعا في التحقيق، متزامنا مع المطلب الاساسي الهادف الى إحالة الملف لشعبة المعلومات من لحظتها اي بعد 48 ساعة من التحقيق دون التوصل الى نتيجة إيجابية.
كما كان يفترض بالقاضية عند الحديث عن اختفاء عائلة ان تضع فرضية احتمال الوفاة في المنزل وتطلب من الجهة القائمة بالتحقيق الكشف على المنزل، اذ على ضوء هذه الخطوة كانت ستدحض فرضية الهروب التي احاطوها بها.
في هذه الحالة، هل يمكن الحديث عن تقصير مزدوج؛ وظيفي او عدم احترافية من الضابطة العدلية بنقل الوقائع وتقصير من القاضي لعدم توقيف المشتبه به؟
برأي المحامي بزي، يكمن التقصير الاساسي في عمل القاضية التي لم تكلف الضابطة العدلية بالدخول الى البيت من جهة وعدم الاخذ بموضوع الداتا وحركتها من جهة ثانية.
ويبرئ الضابطة العدلية من الاخلال الوظيفي في موضوع التحقيق كون القاضي هو صاحب السلطة الذي يوجهها.
وفي ضوء الفعل الجرمي الذي ينشط في ظل التفلت الاخلاقي والمجتمعي وانعدام الضمير الانساني من جهة وقلة الثقة بالقضاء من جهة ثانية تبرز فرضية الامن الذاتي، فرضية تحولت الى امر واقع في مجتمعنا بنظر المحامي بزي لغياب الدولة.
جنوبيات