الانتخابات النقابية ميدان لاستعراض القوى السياسية
تنأى المجالس النقابية بنفسها عن لعبة القوى السياسيّة الهادفة إلى الإطاحة بما تبقّى من صورة للديمقراطية في لبنان، لتفتح نقابة مهندسي بيروت صناديقها غداً أمام المهندسين للمشاركة في انتخاب 5 أعضاء، من بينهم رئاسة الفرعين الثاني والسادس إلى جانب 3 أعضاء عن الهيئة العامة.
الإنتخابات، وإن كانت نقابيّة، إلّا أنها تشكّل ميداناً لكي تستعرض القوى السياسيّة بكافة أطيافها قوّتها وبرامجها، وتعكس من خلالها مؤشّراً مصغّراً عن توجّهات الرأي العام في لبنان.
وعلى مسافة ساعات من فتح صناديق الإقتراع أمام المهندسين، يسود الغموض وبشكلٍ كبير التحالفات التي سيخوض من خلالها المهندسون معركتهم النقابيّة. وتقاطعت آراء المرشحين الذين تواصلت معهم «نداء الوطن» على أنّ الإنتخابات لا تخاض في لوائح مقفلة، إنّما يبقى هامش التواصل بين المهندسين كبيراً جداً لدرجة إمكانية أن يحظى أحد المرشحين بدعم أكثر من مجموعة تتنافس في ما بينها على مقاعد أخرى.
ورغم ذلك، يمكن قراءة المشهد الإنتخابي من خلال 4 مكوّنات:
1- تحالف «القوات اللبنانية» و»الكتائب» إلى جانب شريحة كبيرة من مجموعات «17 تشرين – التغييريين»، كما بعض المهندسين المستقلّين.
2- مجموعة «النقابة تنتفض» سابقاً وتخوض الانتخابات باسم جديد «مصمّمون»، وذلك بعد خروج العديد من مجموعات «17 تشرين» من تحت عباءة هذا التحالف الذي إكتسح نتائج الإنتخابات النقابية في العام 2021.
3- تحالف الأحزاب التقليدية، ويشكّل الثنائي الشيعي «حزب الله» و حركة «أمل» رافعةً له، بالتنسيق مع قطاع المهندسين في تيار «المستقبل».
4- المهندسون المستقلّون، ويحظون بدعم العديد من مجموعات «التغيير»، من بينها «لبنان عن جديد».
وتخوض مجموعة «لبنان عن جديد» الإنتخابات عبر المهندس شارل فاخوري المرشّح إلى عضوية الهيئة العامة، والمدعوم أيضاً من مجموعة «لبنان التغيير»، ومجموعات أخرى.
وتشرح مصادر «لبنان عن جديد» أنّ فاخوري الذي فاز على لائحة «النقابة تنتفض» في العام 2021، ينطلق في ترشيحه اليوم من تجربته وتمايزه عن أداء مجلس النقابة الذي أدّى إلى عزلها عن الواقع السياسي القائم في البلد. ويخوض معركته الإنتخابية كمرشّح مستقّل منفرد بعيداً من أيٍّ تحالف، هادفاً الى وضع سياسة ماليّة مرتكزة على أسس واضحة داخل النقابة، والدفع من أجل سدّ بعض الثغرات في أداء المجلس القائم، والسعي إلى تطوير عمل النقابة عبر مكننتها والذي يصبّ في خانة تحويلها نقابة عصريّة.
وعلى الرغم من الإنتكاسة التي أصابت فريق «النقابة تنتفض» في انتخابات العام الماضي، يخوض بعض مجموعات هذا التحالف الإنتخابات باسم «مصمّمون» عبر المهندسة هالة يونس، المرشحة لرئاسة الفرع الثاني الذي يضمّ المهندسين المعماريين الإستشاريين، كذلك عبر المهندس روي داغر المرشحّ إلى عضوية الهيئة العامة.
وإذا كان لغالبيّة المجموعات والقوى السياسيّة مرشحون إلى عضوية الهيئة العامة المرتقب إنتخاب 3 أعضاء لها، فإنّ المعركة على رئاسة الفرع الثاني تأخذ طابعاً مغايراً من شأنه أن يحسم توجّه المهندسين، بعد التسليم أن رئاسة الفرع السادس الذي يضمّ الموظفين والمتعاقدين في الدولة ستكون حكماً لصالح تحالف «الثنائي الشيعي»، رغم تعدّد المرشحين الذين تأهّلوا خلال المرحلة الأولى.
أما رئاسة الفرع الثاني فمن المتوقّع أن تشهد منافسة قوية بين 3 مجموعات من شأنها أن تختصر مروحة التحالفات الأساسيّة. وأبرز المرشحين على هذا المقعد:
1- المهندس إيلي حاوي المدعوم من تحالف «القوات اللبنانية»، و»الكتائب»، ومجموعات أخرى.
2- المهندسة هالة يونس المدعومة من تحالف «مصمّمون».
3- المهندس بسام علي حسن المدعوم من تحالف «الثنائي الشيعي» وآخرين.
وإلى جانب تركيز الأحزاب والمجموعات على إيصال المرشحين المدعومين من قبلهم إلى الهيئة العامة، يبرز هاجس المحافظة على الميثاقيّة داخل مجلس النقابة ضمن المداولات القائمة لتأليف اللوائح وإنجاز التحالفات. وفيما يتّجه تحالف «الثنائي الشيعي» إلى تأليف لائحة تضمّ 3 أعضاء مسلمين و2 مسيحيين، يسعى تحالف «القوات» إلى أن تضمّ لائحته 3 أعضاء مسيحيين و2 مسلمين، نظراً إلى طائفة الأعضاء المنتهية ولايتهم، علماً أنّ مجلس النقابة راهناً يتألف من 9 أعضاء مسلمين و7 مسيحيين.
وتخوض «القوات» معركتها عبر المرشح سامر واكيم، رافعةً شعار «معاً لإنقاذ نقابتنا». ويستكمل مهندسو «القوات» التواصل مع جميع قوى المعارضة وحثّهم على التكاتف وخوض المعركة من ضمن نسيجٍ معارضٍ واحدٍ يشكّل مدخلاً لإنقاذ النقابة بعدما وصل العجز المالي في ميزانيتها إلى ما يقارب 8 ملايين دولار.
ويخوض «التيار الوطني الحر» المعركة الانتخابية عبر المهندس جهاد شاهين وتيار «المستقبل» عبر المهندس حسن دمج ترشيحاً واقتراعاً بعدما علّق كلّ منهما مشاركته المباشرة في هذه الإستحقاقات منذ العام 2021.
ويجمع المهندسون على أنّ حسم التحالفات يبقى رهن اللحظات الأخيرة، علماً أنّ بعضها يُبرم وراء الكواليس إذ إنّ المعركة قائمة على تبادل الأصوات لإيصال مرشّحيهم.
نداء الوطن