متفرقات

معادلات جديدة رسمتها مسيرات كاريش ورؤية 2030

معادلة “كاريش” التي أرستها المقاومة، استطاعت إدخال معايير ومفاهيم جديدة في قاموس الصراع تتعلق بالتوازن والردع بعدما جهد العدو الاسرائيلي لسنوات على تعزيز تفوقه، ورسمت خطوطا جديدة في الموازين الاستراتيجية الإقليمية المتزامنة مع الأولوية الأميركية المستجدة على أثر الحرب الأوكرانية وضرورة تأمين مصادر الطاقة لحلفائها الأوروبيين، لا سيما منها الغاز في مواجهة روسيا، وأسست لبزوغ”شرق أوسط جديد يولد من رحم الحدود اللبنانية”، معاكس ومخالف تماما لما طمحت اليه وزيرة الخارجية الأميركية غونديليزا رايس الذي حسب منظورها هو شرق أوسط خالٍ من أي مقاومة، بل إنه يعكس النموذج المقاوم المنتصر مقابل صورة الجندي الاسرائيلي المصاب بالوهن والضعف، والتي تمددت الى صورة المجتمع الصهيوني برمته الذي بدا يظهر بوضوح انه وكيانه الغاصب أوهن من بيت العنكبوت …
الى ذلك فقد اشارت الكثير من مراكز الدراسات البحثية المتخصصة في الشأن الاستراتيجي ان انتصارات المقاومة المفصلية من عام 2000 مروراً بالعام 2006 وصولا الى مسيرات كاريش التي كان لها الدور الحاسم في ابرام ملف ترسيم الحدود البحرية مع الكيان الغاصب أسست لمسار مختلف ولتحولات بنيوية على مستوى الصراع ورسم لمعادلات جديدة يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
1 -استنزاف قدرة الردع الصهيوني:
مسيرات كاريش لم تكن مجرد استعراض تقني لقدرات هجومية باتت تمتلكها المقاومة بل رسمت خطوطا جديدة في الموازين الاستراتيجية الإقليمية، أنهت به ما كان يعرف بالتفوق الاسرائيلي وساهمت في تعزيز ثقافة المقاومة لا سيما في فلسطين وهو ما يعتبر ذروة انقلاب الموازين والناتج عن تداعيات امتلاك القدرة وبناء القوة، فضلا عن انها نجحت في قلب معادلة كيّ الوعي ضد شعوب المنطقة التي نادى بها اركان العدو وجعلتها معادلة “كيّ وعي” للإسرائيليين ” انفسهم الذين باتوا بل اعتادوا اللجوء الى الملاجىء مع سقوط مقولة الردع التي طالما تبجح بها كيانهم الغاصب وهذا الامر أكدته الأحداث الأخيرة والمستمرة سواء داخل فلسطين ام على الحدود اللبنانية – الفلسطينية من حركة استنزاف حقيقي لقدرات الردع الاسرائيلي وهو متغير ذو أثرٍ استراتيجي نوعي
ومؤثر داخل بنية المجتمع الاسرائيلي المستنزف اصلا بتناقضاته الحزبية والقومية والعرقية والذي حين يفقد الثقة بالمظلة الأمنية التي لطالما تشدق بها أمام خيارات عديدة ارجحها الهجرة المعاكسة والعودة من حيث اتوا.

2- رؤية 2030 والخراب الثالث:
يرى الكثير من الخبراء والمتابعين ان الإدارة السعودية التي وضعت الخطط والاستراتيجيات لإنجاح رؤيتها للعام 2030 وصلت الى خلاصة تقول إن الابتزاز الأميركي لها هو العائق الأول أمام نهوضها ونجاح رؤيتها وبعد قراءتها للسلوك الأميركي معها من حيث اعتبارها بقرةً حلوبًا يستطيع الاستفادة من خيراتها دون حساب ساعة يشاء دون أي اكتراث لأمنها والدفاع عنها كحال الهجوم على مواقع شركة أرامكو النفطية وبعد قراءتها للمشهد الأميركي الغارق في الكثير من الملفات والذي من وجهة النظر السعودية يستجدي اتفاقاً مع إيران وصلت الى قناعة وخصوصا بعد نجاح المقاومة اللبنانية في فرض معادلة كاريش وترسيم الحدود البحرية، مفادها أن السياسة الأنجع والأفضل للوصول الى الأهداف يكون في تصفير المشاكل مع المحيط ونسج خيوط جديدة مع قوى نافذة الى جانب الولايات المتحدة وتعزيز أوراق القوة لديها في ظل عالم قائم على النزاعات والمصالح ولا يحترم إلّا الأقوياء .
لا شك ان التحول السعودي والتقارب مع إيران له تداعيات استراتيجية جوهرية في المنطقة فانه في الوقت الذي من المؤمل منه إعادة ترميم العلاقة وتوحيدها بين المذاهب الاسلامية فضلا عن القدرة المتوقعة له من انجاز تسويات في الكثير من الدول العربية فان انعكاساته، في حال نجح في الصمود واسقاط المسعى الأميركي على افشاله، على القضية الفلسطينية بلا ريب ستكون كبيرة جدا ولو دمجنا بين ارتدادات الضربة القاصمة الذي تلقته مشاريع التطبيع وبين الاستنزاف الذي يعيشه الكيان المردوع الغارق في مشاكله الداخلية فان آفاق نجاح رؤية 2030 تبدو مرجحة الانجاز متزامنة مع خراب ثالث للكيان الغاصب قبل بلوغه العام الثمانين.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى