اسرائيل في الفوضى؛ ماذا عن انقلاب شبه عسكري..؟ ام يقضي الله امرا كان مفعولا…؟
بقلم المحلل السياسي د. ميخائيل عوض
ليلة حامية عاشتها اسرائيل، على وقع حشود متعارضة في الميادين، لم يبردها الا محاولة تذاكي نتنياهو لتأجيل حفلة الجنون الاتية لا ريب.
وقع اتفاقا مع بن غفير لتشكيل جهاز الحرس القومي بأمرته وبتعداد ١٨٠٠ من المستوطنين المتطرفين العدوانين يكلفون بحماية وتامين مستوطنات الضفة والتنكيل بالفلسطينيين وحرق البلدات والاحياء الفلسطينية لتهجير اهلها، بمقابل ضمان بقائه في الحكومة المهزوزة وبمناورة تأجيل طرح التعديلات القانونية حتى دورة الصيف في الكنيست بعد شهر.
بلا قصد ضرب نتنياهو موعدين لتجديد الازمة؛ اسبوع لإقرار تشكيل جهاز القمع الاستيطاني. وشهر لإعادة عرض التعديلات عل الكنيست.
هل تعطيه الازمات والظروف وحالة اسرائيل المتوترة والشعب الفلسطيني في انتفاضة مقاومة مسلحة، فرص الاستثمار بالأسبوع واو بالشهر لتغير توازنات القوى وتامين اسرائيل من انفجار ازمتها وعصفها الذي ينذر بالحرب الاهلية الاسرائيلية؟؟
تكتيك كسب الوقت، تكتيك تقليدي في معالجة الازمات وتأجيل استحقاقاتها رهانا على ما سيكون بعد حين، وغالبا ان نجح في تبريد الازمات ثم تجميدها ومعالجاتها في ظروف ومعطيات استجدت.
الا ان هذا التكتيك لن يجدي نفعا لنتنياهو فإسرائيل قد لا تحتمل اسبوع وان تحملته، فلن يمر على وئام الشهر الذي يراهن عليه نتنياهو لإعادة طرح التعديلات فالتطورات كيفما كانت لن تكون في صالح اسرائيل كلها وقطعا لن تكون في صالح نتنياهو ومشروعه لإعادة هيكلة اسرائيل وتامين نفسه وفريقه في دولة امنه.
فتبين ان المعارضة اذكى من ان يتلاعب بها نتنياهو، ولم تعطه الوقت واعتبرت التأجيل لا يحل المشكلة وطالبت بإلغاء التعديلات، كما رفضت تعاقد نتنياهو مع بن غفير، لتشكيل قوة فاشية تحت امرته، واصرت على استمرار التظاهرات وتزخيمها، ورفعت من سقوف شعاراتها وباتت تطالب باستقالة نتنياهو ومحاكمته على سوق اسرائيل الى المذبحة.
ولأول مرة تطالب المعارضة بوضع دستور لإسرائيل التي عاشت حتى اللحظة بلا دستور وبلا تحديد حدود وسيادة.
والاهم ان بايدن شخصيا لم يعطي نتنياهو الفرصة التي طلبها في مناورته فاطلق تصريحات تطابق شعار المعارضة بضرورة الغاء التعديلات ورفض دعوة نتنياهو الى البيت الابيض ما يؤكد اتهامات نتنياهو وفريقه للإدارة الأمريكية بالتدخل في شؤون اسرائيل وتمويل المعارضة والتحركات الشارعية، والدور الأمريكي هام جدا في تقرير ما سيكون في اسرائيل، وتصريحات بن غفير وابن نتنياهو عن اسرائيل دولة سيدة لا تقبل تدخلات خارجية كذبة سمجة لا يصدقها حتى من يصرح بها.
اذن؛
في الواقع ومجرياته حتى الان لدينا المعطيات الاتية؛
– مظاهرات متعاظمة يوميا وبلغت ذروتها بحشد ٦٠٠ الف من مناصري المعارضة اضطرت نتنياهو للمناورة بينما حشود المستوطنين واليمين في القدس لم تجمع اكثر من ١٠٠ الف.
-نتنياهو تحت ضغط الشارع والاضراب العام والشلل الاقتصادي وتدهور سعر الشيكل وانحياز قطعات من الجيش والشرطة للمعارضة اضطر للمساومة فأعطى وعدا لبن غفير كي لا يستقيل واعطى وعدا للمعارضة كي لا تتصاعد اعمالها ولتقيدها وكلا الوعدين والموعدين لا احد يضمنهما.
-ادارة بايدن تخوض معركة اسقاط نتنياهو علنا وباي ثمن وهذه تفسر لنا لماذا بدت المعارضة اكثر تشددا وصلابة ومناورة وقدرة على التحشيد ورفع سقوف شعاراتها ومطالبها.
– انحياز الهستدروت وقادة الشرطة ووحدات النخبة والطيارين والسفارات والقنصليات والاطباء والمشافي والعاملين بالمطارات والمرافئ للمعارضة يمثل احد اخطر واهم التحولات والمؤشرات الكاشفة على لمن ستكون الغلبة وما الذي ينتظر اسرائيل وحكومة نتنياهو بن غفير من استنساخ وتكاثر الازمات والانشقاقات
– الازمات تضرب في كل الاتجاهات حتى الليكود لم يعد موحدا، واخطر نذر تفككه وربما تفكك الجيش او انقلابه العسكري تجسدت في اقالة نتنياهو لوزير الدفاع الخطوة التي اطلقت العنان للازمة والمعارضة وهزت استقرار وتشكيلات الدولة الاسرائيلية وعطلتها واوقفت الحياة الاقتصادية والاجتماعية في الاضراب العام وتضامن رؤساء البلديات وتمرد ضباط الشرطة.
غدا؛ اسرائيل في ازمة بنيوية وجودية لم تعد تملك وقتا للمناورة…هل تعيش حتى الثمانين؟؟