متفرقات

الوضع الاقتصادي في واد وأسعار الحفلات في واد آخر

مع اقتراب الأعياد وحلول عامٍ جديدٍ، بدأت تحتلُّ الإعلانات المروّجة لسهرات رأس السّنة مساحاتٍ واسعةً من الدّعايات الإعلانيّة على مُختلف المنصّات، من شاشة التّلفاز إلى اللّافتات التي تُرفَع على الأوتوسترادات وصولاً إلى مواقع التّواصل الاجتماعيّ التي بدأت تضجّ بصور الفنّانين وتغصُّ بالعروضات الّتي تُقدَّم للّبنانيّين، للفت انتباههم قُبَيل انتهاء عام 2022، ولاستقطابِ أكبر عددٍ منهم.

فبعد مرورِ عامَين لم يخلُوَا من الصّعوبات المعيشيّة والاقتصاديّة والصحيّة، وآخرها الاستعصاء السياسيّ والفراغ في سدّة الرئاسة، يسعى اللبنانيّ هذا العام إلى الاحتفال بسنةٍ جديدةٍ، علّها تُنهي المآسي والأزمات الّتي فاقمت الأوضاعَ سوءاً وتحملُ معها بادرة أملٍ نحو مستقبلٍ أفضل مما نحن عليه اليوم.

وينشغل في هذا الإطار، محبّو السّهر بالبحث عن الحفلة الّتي تُناسِبُ أذواقهم وتُحاكي قدراتِهم، خصوصاً في ظلّ الواقع الصعب الّذي يُخيّم على لبنان. ولا شكّ أنّ عدداً منهم يبحث عن سهرة “باللبناني”، الأمر الّذي بات شبه مستحيل مع تخطّي الدولار عتبة الـ44000.

وما بين اتّخاذ قرار البقاء في المنزل والاكتفاء بمشاهدة السّهرات الفنيّة عبر الشاشة الصّغيرة، والخروج لإمضاء ليلةٍ ساهرةٍ في المطاعم والنوادي الليليّة، يصطدمُ اللبنانيّ بأسعار البطاقات “المُحلّقة” والّتي باتت تُوازي أحياناً راتبَه الشهريّ، خُصوصاً أنّ أماكنَ السّهر تطلبُ هذه السنة تقاضي الفريش دولار، ما يُمهّد الطريق لارتفاعٍ تدريجيّ في الأسعار خلال الفترة المقبلة، في ظلّ واقعٍ مريرٍ بدأ يفرضُ نفسَه على السّاحة الاقتصاديّة، تزامناً ورفع الدّولار الجمركيّ من 1500 ليرة لبنانيّة إلى 15000 ليرة لبنانيّة مع انعكاسه السلبيّ على المواطن بارتفاع أسعار الموادّ الغذائيّة المستوردَة والموادّ الأساسيّة للمستهلكين، فضلاً عن تحليق أسعار المازوت وفواتير الكهرباء والأكلاف التشغيليّة.

وبما أنّ قطاعَ المطاعم، الّذي يعيشُ منذُ فترةٍ حالاً من التّخبط والرّكود، يعتمدُ بشكلٍ أساسيّ على موسم الأعياد لتحقيق الأرباح، يُلاحظُ اللبنانيّون أنّ الأسعار متفاوتة وتتراوح ما بين الـ35$ والـ800$ للشخص الواحد، بحسب اختلاف مكان السّهر وهويّة الفنان الّذي يُحيي الحفلة.

وعن سبب التّسعير بالعملة الخضراء، أكّد نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر لموقع “نداء الوطن” الإلكترونيّ أنّ “وزارةَ السياحة سمحت للمؤسّسات السياحيّة منذ فصل الصّيف بأن تُسعّر بالدّولار الأميركيّ، وسبب ذلك يعود إلى التّخبّط في السّوق السّوداء، فنحنُ لا نستطيع في القطاع السياحيّ أن نُغيّر الأسعار، كما يحصل يومياً في السوبرماركت، واستقرار الأسعار يُشكّل بالتالي ارتياحاً نفسياً بالنّسبة إلى اللبنانيّ، إذ إنّ التسعير بالدولار يجعلُ الأرقام ثابتة ولا تتغيّر رغم ارتفاع سعر الصرف”.

وعن نسبة الإقبال إلى السهرات الفنية المُقرّر أن يُحييَها عددٌ من الفنانين اللبنانيّين والعرب، اعتبر الأشقر أنّ “المطاعم والفنادق ستكون نسبة الإشغال فيها مرتفعة بطبيعة الحال، لأنّ الأماكن الرّائجة، تشهد زحمة في الأيام العادية، ومن الطبيعيّ أن تشهد نسبةَ إقبالٍ مُرتفعة خلال فترة الأعياد”، ولكنّه لفت إلى أنّ الفنادق الكبيرة في العاصمة بيروت لم تعُد تُحيي الحفلات الضخمة كما سابق عهدها، قائلاً: “من يُراقب المشهد من بعيد، يجد أنّ لبنان بات يفتقد في هذه الفترة إلى الحفلات الكبيرة” التي كانت تضيء سابقاً سماء العاصمة.

ورأى الأشقر أنّ وزارة السياحة أطلقت عنوان “عيدها عالشتوية” لتنشيط السّياحة ولخلق جوّ لاستقطاب السياح، ولكنّ المشكلة الأساسيّة اليوم، على حدّ تعبيره، تكمن بغياب السّياح العرب، وذلك بسبب قضايا سياسيّة.

أمّا بالنسبة إلى المشهد العام خلال فترة الأعياد، فشرح نقيب أصحاب الفنادق أنّ عطلة العيد تُقسَم إلى قسمَين، وهي تمتدّ لعشرة أيام، من 22 كانون الاوّل 2022 حتّى الثاني من كانون الثاني 2023، قائلاً: “يمضي معظم اللبنانيّين أُسبوع عيد الميلاد مع العائلات في المنازل، ولكنّ حركة الفنادق والمطاعم والملاهي والمقاهي تنشط تزامناً وحلول العام الجديد، مع تشغيلٍ عالٍ في العاصمة والمناطق المُجاورة، وكذلك في المدن التي فيها مراكز ترفيهيّة مهمّة ووجهات سياحيّة”.

وتابع الأشقر: “نسبة إشغال الفنادق تتفاوتُ بين منطقةٍ وأخرى، فمثلاً، تستقطب مدينة بيروت السّائح العراقيّ والأردنيّ والمصريّ وأي سائحٍ آخر، أمّا المناطق النّائية، فتختلفُ فيها نسبة الإشغال بحسب الحفلات والنّشاطات الترفيهيّة المنظّمة فيها، وفي الوقت عينه، ستكونُ نسبة الإشغال في بعض المناطق معدومةً، بسبب غياب الحفلات والمهرجانات والنشاطات الميلاديّة”.

واللافت أيضاً هذا العام، وعلى خلاف الأعوام السابقة، أنّ عدداً لا بأس به من نجوم الصفّ الأوّل سيُحيي السّهرات الفنيّة في لبنان، ما يشي بأنَّ الوضع بدأ يستقيم ويعود إلى سابق عهده، إذ انّ لبنان لطالما احتضن نجوم الوطن العربيّ.

 

 

 

 

 

 

نداء الوطن

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى