حقيقة الفجوة.. وأين تم صرفها؟
بقلم الخبير المالي والاقتصادي الدكتور عماد عكوش
تبلغ الفجوة وفقا لتحديدات متعددة سواء من قبل الحكومة أو من قبل صندوق المقد الدولي حوالي 73 مليار دولار، وتحاول الحكومة اللبنانية خلق صيغة ما يتم بموجبها توزيع هذه الفجوة على أطراف النزاع، وهم: مصرف لبنان، المصارف التجارية، المودعين والدولة اللبنانية أي الشعب اللبناني ككل. فهل ستصل الحكومة الى حل وتوزيع يرضي الجميع ويكون في نفس الوقت منصف للمودعين؟
ان طبيعة الفجوة التي يتحدث عنها الجميع تتكون بالاساس من الدين العام الخاص بالدولة اللبنانية ويضاف إليه خسائر مصرف لبنان. هذان البندان يشكلان المفترض منطقيا قيمة الفجوة. لكن بالعودة الى قيمة الدين العام بالقيمة الاسمية فهذا الدين يتوزع على بندين، البند الاول بالعملات الصعبة ويتوزع على الشكل التالي:
يوروبوندز 36.52 مليار دولار، قروض لدول ومؤسسات 3.00 مليار دولار، المجموع 39.52 مليار دولار، قيمة الفجوة 73.00 مليار دولار، الفرق 33.48 مليار دولار.
والبند الثاني بالعملة اللبنانية وقيمته اليوم لا تتجاوز ملياري دولار بعد تدني قيمة الليرة اللبنانية بنسبة تزيد عن 95 بالمئة.
السؤال أين ذهب هذا الفارق في الدولار الاميريكي وعلى ماذا تم صرفه وبأمر من أي جهة؟
وفقا للبيانات التي يصدرها واصدرها مصرف لبنان في مناسبات كثيرة فإن الفجوة بكاملها تصرفت بها الحكومات اللبنانية من خلال القروض بالدولار الاميريكي التي أخذتها الدولة اللبنانية من السوق والتي اكتتب بها مصرف لبنان وبعض المصارف التجارية، إضافة الى طلبات الدعم التي كانت تطلبها الحكومات اللبنانية وآخرها دعم السلع والتي كلفت مصرف لبنان حوالي خمسة عشرة مليار دولار، ومنها على قروض الاسكان، ومنها هندسات مالية للمصارف، وقروض دعم لبعض المؤسسات، لكن الفرق هو 33.48 مليار دولار، لذلك سنحاول تشريح بعض هذه التفاصيل للوصول الى الحقيقة.
بلغت قيمة تسليفات المصارف للقطاع الخاص في نهاية تشرين أول 2022 ما يعادل 17.38 مليار دولار وفقا للتقرير الشهري الصادر عن جمعية المصارف في نهاية تشرين أول 2022، ويتوزع على الشكل التالي:
بالدولار الاميريكي: 16.95 مليار دولار
بالليرة اللبنانية: 0.43 مليار دولار
المجموع: 17.38 مليار دولار
لا تتجاوز قيمة القروض المدعومة منها 2 مليار دولار وبالتالي فإن خدمتها على مدى الخمسة وعشرين سنة ماضية لا يتجاوز ملياري دولار أميريكي.
كما بلغت كلفة الهندسات المالية وفقا” لعدة تقارير حوالي خمسة مليارات دولار أميريكي، وهذا يعني أن أجمالي كلفة الدعم بلغت على الشكل التالي: دعم سلع حوالي 15 مليار دولار، دعم قروض 2 مليار دولار، هندسات مالية 5 مليار دولار، المجموع 22 مليار دولار. بينما يبلغ فارق الفجوة 33.48 مليار دولار. والفارق 11.48 مليار دولار أميريكي.
ألا يستحق هذا المبلغ سؤال حاكم مصرف لبنان كيف وعلى ماذا صرف 11.48 مليار دولار، مع العلم أن دعم السلع والهندسات المالية تعتبر إساءة كبيرة في إدارة أموال الناس والتي وثقت بمصرف لبنان والمصارف التجارية فلم يقم ببذل الجهد الكافي في الحفاظ على حقوق الناس وإنما تم هدرها في غير محلها.
فمن يتحمل هذه المسؤولية؟ وهل يتم تبرئة الحاكم من سوء الادارة من ناحية ومن صرف أكثر من 11 مليار دولار في مطارح مجهولة للبعض من ناحية أخرى؟
نشير أخيرا” الى أن هذا الفارق هو معلوم لدينا حيث تم دفع معظمها كفوائد على ودائع المصارف لأجل وعلى شهادات إيداع المصارف التجارية لدى مصرف لبنان والتي حققت من خلالها المصارف التجارية أكثر من عشرة مليارات دولار أرباح صافية خلال فترة حكم حاكم مصرف لبنان.